وقفة مع أرباح الدولي الإسلامي، وحمى الطلب على شراء الدينار العراقي

أحسن بنك قطر الدولي الإسلامي صنعا هذا العام عندما رفع نسب توزيعات أرباحه إلى 4% لودائع السنة الواحدة و3.5% للستة شهور، و3% لودائع الثلاثة شهور، و2.5% لودائع الشهر الواحد و2.1% لودائع التوفير. وللمقارنة فإن البنوك التجارية لاتزال بعيدة عن هذه المستويات حيث يحصل المودع على أقل من 2% لودائع السنة الواحدة، ناهيك عن أقل من 1.25% للشهر الواحد!!! وهذه الخطوة الجريئة والذكية من مجلس إدارة البنك تمثل ظاهرة صحية وتدفع باتجاه منافسة شريفة بين البنوك في عام 2004 بما يفيد الاقتصاد القطري بوجه عام. وقد كنت في سنوات سابقة قد انتقدت حرص البنوك الإسلامية على مجاراة البنوك التجارية في تحديد توزيعات الأرباح بما يتناسب مع معدلات الفائدة في السوق المالي. وكانت حجتي في ذلك إنه طالما كانت هناك زيادة في الأرباح المتحققة، فإن العدل والإنصاف يقتضيان حصول أصحاب الودائع على حصة أكبر في الأرباح، وألا يذهب جُل الزيادة إلى المساهمين، وإنه إذا ما حدث ذلك فإن البنوك الإسلامية تثبت تميزها عن البنوك التجارية، وتبرهن على أن قضية المشاركة في الأرباح هي قضية جوهرية وليست مسألة شكلية.

وقد يكون بنك قطر الدولي الإسلامي قد أٌضطر إلى هذه الخطوة بتأثيرالتوجيهات الشرعية، أوكرد غير مباشر على نجاح مصرف قطر الإسلامي في إدارة صناديق بدر العقارية التي عادت على المستثمرين بعائد مالي كبير. وربما جاءت الخطوة بعد أن انفتحت أمام البنك فرص توظيف أمواله في الصكوك الإسلامية(المماثلة في فكرتها للسندات ذات العائد المنتظم مع ضمان رأس المال في نهاية المدة). وأياً ما كان الأمر فإن القرار صائب ويفتح المجال على مصراعية للمنافسة الكاملة بين البنوك في سوق الودائع، وستكون له آثار ملموسة علىالمعطيات المالية في قطر. ونرجو أن تنتقل عدوى المنافسة إلى معدلات المرابحة حتى تنخفض معدلات الإقراض لدى البنوك التجارية إلى مستويات معقولة.

وفي موضوع الدينار العراقي أشير إلى أنني قد تلقيت في الآونة الأخيرة عدد كبير من الاتصالات الهاتفية التي يسأل أصحابها عن جدوى شراء كميات من الدينار العراقي الجديد على أمل أن يرتفع سعره بعد أن تتحسن الظروف فيربحون بذلك مبالغ طائلة. وللعلم فإن الدينار العراقي الذي كان في السبعينيات يصل إلى عشرة ريالات أو عدة دولارات أمريكية، قد تدهور سعره على مدى العقدين الماضيين نتيجة الحروب والحصار الاقتصادي حتى أصبح الدولار الواحد يعادل 1700 دينار عراقي. ونتيجة لتبدل الأوضاع وانتهاء الحصار وتدفق الاستثمارات على العراق وسعي الحكومة الأمريكية إلى إلغاء ديونه، واستبدال العملة القديمة بعملة جديدة، فقد تحسن سعر الدينار ووصل هذا الأسبوع إلى مابين 1000 إلى 1200 دينار للدولار الواحد مع وجود فرق يصل إلى 200 دينار للدولار الواحد ما بين سعر الشراء والبيع.

ولقد كانت نصيحتي للسائلين بعدم الإنخراط في تجارة غير مأمونة، خاصة وأن الأوضاع لا تزال غير مستقرة في العراق ، وتشتد فيه بين الحين والآخر عمليات المقاومة ، وأحياناً أخرى أعمال الاقتتال بين الطوائف المختلفة، ناهيك عن استمرار تعطل المرافق الأساسية وانخفاض معدل تصدير النفط إلى 1.5 مليون برميل يومياً مقارنة بـ 2.5 مليون برميل يومياً قبل الحرب. لكل هذه الأسباب، ولإن التجارب السابقة لعملات أخرى كالليرة اللبنانية والريال الإيراني، انهارت ولم تتحسن كثيراً بعد استقرار الأمور في بلادها، فإنني نصحت السائلين بعدم المغامرة والإكتفاء بشراء مبالغ قليلة، وفي ذهني أن الارتفاع الراهن مرده الطلب الزائد على الدينار بمظنة ارتفاعه السريع دون أن يكون هنالك بالضرورة احتياطات مالية كافية لدى البنك المركزي العراقي لدعم هذا الارتفاع.وإذا أدرك المتهافتون على شراء الدينار هذه الحقيقة فإن سعر الدينار سيتوقف عن الارتفاع.