خواطر عن هموم وأحاديث المجالس في العيد

كل عام وانتم بخير.. جاء العيد – كما في كل عام- فرحة في العيون، تهليل وتكبير، رجاء في الغفران، وأمل أن يرفع الله الغمة، عن هذه الأمة، ودعاء بأن يثبت الله الأقدام. وفي المجالس دارت أحاديث ليست كمثلها في كل عام، فقد انكفأ الناس على الداخل يتحدثون عن هموم المعيشة وتكاليفها المتصاعدة بين عام وعام، عن هم البحث عن وظيفة لمن تخرج منذ عام أو أعوام، وعن حلم الثروة في تجارة الأسهم إن سارت الأمور على ما يرام.
هكذا كان حال الناس في العيد على اختلاف مواقعهم وظروف كل منهم، وبينما أثر انخفاض أسعار الأسهم وخاصة سعر سهم صناعات على حملة الأسهم سلباً، فإن ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات قد سرق الأضواء، فتركزت أحاديث الناس على أرباح قد تحققت، أو على فرص للثراء السريع قد تبخرت. وبات الناس في العيد يفاضلون، بين عائد من الأسهم قد خبا بريقه وقل رحيقه ولم يعد كما بدا في الصيف الماضي، وبين عائد واعد وربح زائد من تجارة العقارات والأراضي. ولم يكن كل الناس في ذاك الأمر سواء؛ فمنهم من لم يمتلك أسهماً ولا عقاراً، فلم يغتم بهبوط أسعار الأسهم ولم يفرح بارتفاع أسعار الأراضي، ومنهم من جاءه الهم من حيث يدري ولا يدري، فقد جاءته أخبار الزيادة، ويا ليتها كانت زيادة!!، إنها زيادة في الإيجار، جاءته بالأمس في مظروف، ادفع أو أخرج بالمعروف، مائتا ريال أو أكثر، وربما خمسمائة أو ألف، وفي كل الأحوال هي نسبة من قيمة الإيجار.
وقد كانت الشكوى من ارتفاع الإيجارات عامة، وتساءل البعض عن مدى إمكانية السماح للمقيمين بامتلاك عقارات بغرض السكنى، وخاصة لأولئك الذين عاشوا في قطر منذ الولادة أو مضت على إقامتهم في البلاد سنوات طويلة. إن ذلك لو تقرر كما هو الحال في معظم دول العالم سيكون ذا فائدة كبيرة للبلاد والعباد. فهو من ناحية يساعد على استقطاب مدخرات الأفراد واستثمارها في الداخل بدلاً من تحويلها للخارج، فيعمل على تنشيط قطاع الإنشاءات ويوجد فرصاً واعدة أمام البنوك لتوظيف أموالها في مجالات مضمونة. ومن ناحية أخرى سيعود مثل هذا التوجه بالفائدة على المقيمين الذين سيشعرون بقدر أكبر من الاستقرار، ويحفزهم على مزيد من البذل والعطاء في أعمالهم وعلى الانخراط في مجتمعهم.
وإنني لذلك أرفع هذا الطلب إلى مقام سيدي حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة أمير البلاد المفدى رئيس المجلس الأعلى للشؤون الاقتصادية والاستثمار، حفظه الله وأدام عزه، كي يأمر بإعادة النظر في بعض القوانين المنظمة للاستثمار في البلاد، سواء قوانين الاستثمار العقاري أو التعامل في الأسهم بما يفتح الباب للمقيمين للمساهمة بإيجابية في بناء هذا البلد، وأن يأمر سموه أيضاً بالتخفيف على الناس في موضوع الرسوم وما أكثرها، وهذه الأمور من الضرورات التي باتت ملحة ولا تستقيم أحوال العباد بدونها، والله نسأل أن يمن على سموكم الكريم بموفور الصحة و العافية.