ملامح الموازنة العامة للدولة للعام 2004/2005

تكشف الحكومة القطرية عن سياستها المالية مرة واحدة فقط من كل عام عند الإعلان عن الموازنة العامة للدولة للسنة المالية التي تبدأ في الأول من إبريل. وفي مثل هذه المناسبة السنوية من كل عام، يُلقي سعادة وزير المالية بياناً تفصيلياً عن الإيرادات المتوقعة وعن حجم النفقات المقررة، موزعة على البنود المعتادة من نفقات جارية على الرواتب والأجور والخدمات وعلى المشروعات الرئيسية، و يبين سعادته ما إذا كانت الموازنة توسعية تتضمن زيادة في الإنفاق أم أنها انكماشية لترشيد النفقات والحد منها. ويُعطي البيان في العادة تقريراً موجزاً عن المشروعات الرئيسية المعتمدة في الموازنة سواء منها المشروعات الجديدة وما سينفذ منها خلال السنة، أو المشروعات الجاري تنفيذها والمَرحَلة من السنة السابقة. ورغم أن البيان يحتوي على تقديرات للفائض أو العجز المتوقع، فإن البيان لا يتضمن أي إشارة إلى كيفية تمويل عجز الموازنة إن تحقق، ويتم الإشارة غالباً إلى توظيف الفائض في سداد الديون العامة أو تعزيز الاحتياطيات المالية للدولة.

ورغم أن بيان الموازنة العامة يكون في العادة موجزاً وغير تفصيلي، إلا أنه يحظى باهتمام غالبية شرائح المجتمع، ويكون الحدث المالي الأبرز كل عام. فهو يستأثر باهتمام رجال الأعمال والعاملين في القطاع الخاص باعتبار أن حجم الإنفاق الحكومي كان ولا يزال المحرك الأساسي لعجلة النمو الاقتصادي في قطر، ويستطيع رجال الأعمال استناداً إليه التنبؤ بحجم أعمالهم وتخطيط استثماراتهم للسنة الجديدة. ويهتم العاملون في القطاع الحكومي بمعرفة تفاصيل الموازنة العام، لارتباطها بأعمالهم، كل في مجاله، فضلاً عن أنها تتضمن بعض التفصيلات عن مخصصات رواتبهم وأجورهم وعلاواتهم. وقد كان الحديث عن هذا الجزء في سنوات العجز المالي يقترن بالإشارة إلى ضرورة شد الأحزمة،وهو ما يعني ضمناً تجميد التعيينات والترقيات وتقليص الوظائف. وقد تبدل الحال في سنوات الفائض وعودة الأسعار إلى الارتفاع، فبات البعض يتوقع توسعاً في مخصصات الرواتب والأجور سواء بالترقيات أو العلاوات أو حتى من خلال الزيادات العامة.
والملامح العامة لموازنة السنة الجديدة 2004/2005 غير معروفة حتى الآن باستثناء ما سبق أن صرح به سعادة وزير المالية قبل شهرين من أنها ستشهد نمواً في النفقات العامة بما يساعد على تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 5%، مع المحافظة على معدلات منخفضة للتضخم، وتخفيض نسبة إجمالي الديون الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز الاحتياطي العام للعملات الأجنبية وزيادة الاحتياطي الخاص بصندوق التوازن. والأهداف التي أشار إليها سعادة الوزير تمثل الصورة المثالية لأهداف السياسة المالية بوجه عام، وإن كان من الصعب تصور حدوث زيادة في الإنفاق للسنة الرابعة على التوالي دون أن يقترن ذلك بزيادة معدل التضخم، وخاصة عندما تتضمن الموازنة اعتمادات كبيرة لاستملاك الأراضي واستصلاحها كما حدث في السنة الحالية 2003/2004، وفي ظل الانخفاض الشديد لمعدلات الفائدة.
وبمراجعة الأرقام المنشورة عن موازنة العام الحالي والتوقعات الخاصة بإنتاج كل من النفط والغاز وأسعارهما، فإننا نتوقع الآتي:
1- إن الإيرادات المتوقعة من قطاع النفط والغاز للعام 2004/2005 ستزيد عن 30 مليار ريال إذا ما استمرت الأسعار العالية للنفط في السنة الجديدة، ولكن لأغراض احترازية سيتم اعتماد سعر 16.5 دولار لبرميل النفط كما هي العادة كل عام، وذلك يجعل الإيرادات التقديرية في حدود 23 مليار ريال.
2-أن مخصصات المشروعات الرئيسية ستزيد إلى 6.5 مليار ريال، في حين ستزيد النفقات الجارية بما فيها الرواتب والأجور والنفقات الرأسمالية الثانوية إلى 18.5 مليار ريال، وبالتالي يصل مجموع النفقات التقديرية إلى25 مليار ريال بزيادة 7.2 % عن تقديرات العام الحالي.
3- أن العجز المقدر في الموازنة سيكون في حدود 2 مليار ريال، مع احتمال أن يتحول العجز إلى فائض إذا ما استمر سعر برميل النفط فوق 20 دولار للبرميل.