بينما كان عام 2003 يقترب من نهايته، كان مؤشر أسعار الأسهم المحلية يقف على أعتاب الألف الرابعة، مرتفعاً عن بدايته بما نسبته 70%. وقد بدا لي آنذاك أن أسعار أسهم بعض الشركات سوف تميل إلى الإنخفاض في الربع الأول من عام 2004 ، فيما ستظل أسعار أسهم الشركات التي ستوزع أسهماً مجانية ترواح مكانها حتى انتهاء موسم توزيع الأرباح. وقد توقعت لذلك أن يهبط المؤشر دون الـ 4000 نقطة لبعض الوقت. وفي حين تحقق الجزء الأول من التوقعات بانخفاض أسعار أسهم عدد من الشركات مثل صناعات، فإنه قد حدثت منذ شهر فبراير عدة مفاجئات أربكت سوق الأسهم ورفعت أسعار اسهم معظم شركات التأمين والبنوك والملاحة وعكست اتجاه المؤشر إلى أعلى بأكثر من 20%، وكان من بين التطورات المفاجئة:
1- إلغاء طرح أسهم شركة المجموعة العقارية بقرار من وزارة الإقتصاد والتجارة، وكان لذلك تأثير إيجابي في رفع سعر سهم الشركة العقارية بنحو عشرة ريالات للسهم، كما كان للقرار تأثير إيجابى على السوق بوجه عام نظراً لإنه أعاد للسوق المبالغ التي كانت مخصصة للاكتتاب في المجموعة العقارية.
2- التوصية المفاجئة التي صاحبت الإعلان عن دعوة الجمعية العمومية لبنك الدوحة للانعقاد، والتي تلخصت في اقتراح زيادة رأس مال البنك بنسبة 30% عن طريق طرح أسهم جديدة للمساهمين بسعر منخفض. وقد كان لهذه التوصية- التي لم توافق عليها الجمعية العمومية هذا الأسبوع- تأثير إيجابي على سعر سهم بنك الدوحة بوصوله في وقت سابق إلى 224 ريال‘ كما أثرت التوصية على أسعار اسهم البنوك الأخرى بدرجات متفاوتة كان أعلاها على سهم البنك التجاري المنافس التقليدي لبنك الدوحة وعلى سهمي الدولي والمصرف.
3- التوصية المفاجئة لشركة الملاحة في الأسبوع الماضي بزيادة رأس المال بنسبة 30% عن طريق طرح أسهم للمساهمين بسعر 70 ريالا. وقد أثر ذلك على سعر سهم الشركة في السوق فارتفع إلى 212 ريال قبل أن يهبط إلى 200 ريال بانتظار انعقاد الجمعية العمومية للشركة يوم 21 مارس.
4- الإعلان عن صفقة شراء البنك الأهلي بواسطة بنك بحريني، مما أدى إلى رفع سعر سهم البنك الأهلي بأكثر من 37% خلال الأسابيع الماضية إلى 118 ريال.
ويضاف إلى العوامل الأربعة السابقة عامل آخر أوجد طلباً استثنائياً على أسهم شركة النقل البحري في الأسابيع الثلاثة الأخيرة ورفع سعر سهمها بنسبة 62% من 69 ريالاً إلى 112 ريال، وهذا العامل له علاقة بالترشيحات لعضوية مجلس إدارة الشركة، ورغبة البعض في الحصول على أكبر كيمة من اسهم النقل البحري بأي ثمن.
والسؤال الذي يشغل بال الكثير من المضاربين في الوقت الراهن هو عن وجهة أسعار الأسهم في الأسابيع القادمة؟ ومرة أخرى أجد أنه في غياب أية مفاجئات أخرى غير متوقعة، فإن الأسعار غير مرشحة لارتفاع كبير كا حدث في الأسابيع الماضية، بل أن أسعار أسهم بعض الشركات قد تنخفض بتأثير عمليات البيع لجني الأرباح. وستكون الفترة القادمة فترة انتظار الإعلان عن ميزانيات الشركات لفترة الربع الأول بعد شهر من الآن لمعرفة ما حققته الشركات من نتائج. وهناك بعض الأسباب الأخرى لمثل هذا التراجع المنتظر نذكر منها:
أولاً: أن القراءة المتأنية للميزانيات المنشورة لأربع من البنوك عن عام 2003 تُظهر أن أرباح عام 2004 لن تزيد بالطريقة التي زادت بها في عام 2003؛ لوجود أرباح استثنائية غير قابلة للتكرار لدى بعض البنوك،وبسبب وجود طفرة في أرباح الاستثمارات في كل البنوك، وبسبب انخفاض هامش الربح التشغيلي من الفوائد نتيجة ازدياد حدة المنافسة. وينسحب هذا القول بدرجة أو أخرى على شركات التأمين، مع التسليم بأن سعر سهم الشركة الإسلامية للتأمين يكاد لا يخضع لمنطق في ارتفاعه، ويسجل مستويات عالية جعلته الأعلى فعلياً في السوق ربما لاحتمال حدوث زيادة كبيرة في رأسمال الشركة إلى 50 مليون ريال.
ثانياً: إن مؤشر أسعار الأسهم قد زاد بنسبة 100% في الفترة ما بين منتصف مارس 2003 ومنتصف مارس2004، وبنسبة 185% منذ نهاية عام 2001، مما يستدعي الحيطة والحذر من المضاربين خشية حدوث تراجع مفاجئ في أسعار الأسهم.
ثالثاً: إن وزارة الاقتصاد والتجارة-كما ورد في الصحف هذا الأسبوع- عاقدة العزم على التحقق من عدم وجود ارتفاعات غير مبررة في أسعار السلع ومنها العقارات، وذلك قد يقلل من أرباح الشركات الاستثنائية في مجال الاستثمار العقاري ويؤثر بالتالي على أرباح الشركات.
رابعاً أن عدم موافقة الجمعية العمومية لبنك الدوحة على زيادة رأس المال يسحب ولو مؤقتاً أحد الأسباب الدافعة لارتفاع سعر سهم البنك.
وهكذا فإنه في حين يبدو التعامل في أسهم البنوك وشركات التأمين أكثر جاذبية لما حققته هذه الشركات من نتائج مبهرة في الشهور الستة الماضية، فإن استمرار الرهان على ارتفاعها لا يخلو من مخاطر في الأسابيع القادمة، مما قد يعمل على وقف ارتفاعها. أما أسهم الشركات الأخرى ومن بينها صناعات، فإنها قد تجلب الإهتمام لكون أسعارها باتت منخفضة بأكثر مما ينبغي مقارنة بأسعار بقية الشركات، وهي لذلك قد تسجل بعض الإرتفاع المحدود أو تظل مستقرة على أقل تقدير في الأسابيع القادمة، وخاصة مع احتمال تأجيل الاكتتاب في شركة صناعات المتوسطة إلى الخريف القادم، والله أعلم.