إلغاء غرامات الإقامات .. نظرة للصالح العام

لا يملك الواحد منا إلا أن ينحني إجلالاً وإكباراً للسياسات الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى وولي عهده الأمين، وتوجيهاتهما الصائبة للمسئولين في الوزارات والأجهزة المختلفة من أجل دعم التطور والاستقرار لهذا البلد وتأمين سلامته والتيسير على مواطنيه ومقيميه. وقد تجلت تلك التوجيهات الكريمة هذا الأسبوع فيما أصدره سعادة الشيخ حمد بن ناصر وزير الدولة للشئون الداخلية يوم الأربعاء الماضي من قرار يتم بمقتضاه إسقاط الغرامات التي ترتبت على المخالفين لقانون دخول الأجانب للبلاد- أي الذين تخلفوا عن عمل إقامات بعد وصولهم للبلاد- وإعطائهم مهلة ثلاثة أشهر تبدأ من اليوم الأحد 21 مارس، لمغادرة البلاد دون تحمل أي أعباء مالية.كما شمل قرار الإعفاء أولئك الذين تخلفوا عن تمديد إقاماتهم بعد انتهائها، سواء كانت إقامات عادية أو زيارة أو زيارة عمل.

هذا القرار الصائب لسعادة وزير الدولة للشئون الداخلية يُفيد الاقتصاد القطري في مجموعه ولا يقتصر تأثيره فقط على الأفراد المستفيدين منه مباشرة، فتراكم الغرامات على الأشخاص المتخلفين شهراً بعد آخر يجعلهم في موقف صعب لا يُحسدون عليه، فهم من ناحية لا يملكون المسوغات القانونية التي تسمح لها بممارسة أي نشاط كما أنهم لا يستطيعون الاستفادة من الخدمات الصحية والعلاجية أو المالية، وذلك يجعلهم عبئاً على المجتمع بأسره، ناهيك عن احتمال انحراف البعض منهم واضطراره إلى ارتكاب المزيد من المخالفات أو الجرائم لضمان لقمة عيشه. من هنا فإن التيسير على هؤلاء المخالفين وإعطائهم فرصة لتصحيح أوضاعهم ومغادرة البلاد دونما خوف من حجز أو عقاب، يكون في مصلحة المجتمع الذي سيأمن على أفراده ومؤسساته من أي مخاطر قد تنجم عن بقاء المخالفين.

ثم إن الغرامات المتراكمة لا يتحملها بالضرورة الوافد، وإنما الشركات التي تعاقدت معه، وتؤدي تلك الغرامات إلى إفلاس تلك الشركات وإعسار القائمين عليها، وينتقل أثر ذلك إلى شركات أخرى تتعامل معها، وإلى البنوك الممولة لبعض مشروعاتها.

ومن جهة أخرى، ينظر بعض المقيمين إلى هذا القرار نظرة رضا وارتياح, من حيث أنه يُعد خطوة جيدة للتخفيف عن كاهل من تخلف عن التجديد في الميعاد، إما لسهو غير مقصود، أو لعدم توفر المال اللازم للتجديد.

إن القرار الحكيم لسعادة وزير الدولة للشئون الداخلية، يؤكد على أن الغرامات المالية في دولة قطر ليست مقصودة لذاتها، وإنما للمساعدة على ضبط الأوضاع والتأكيد على احترام وتنفيذ القوانين، وأنه عندما تتحول تلك الغرامات إلى عبء على المجتمع، فإن الدولة على استعداد للتخلي عنها في فترات محددة بما يخدم المصلحة العليا. ومن هذا المنطلق فإنه قد يكون من المناسب أن ينظر سعادة الوزير في مد مظلة الإعفاءات لتشمل الديون والغرامات المترتبة على الشركات التي أبلغت عن عمالها وقامت بتسفيرهم قبل صدور القرار الجديد، ذلك أنه إذا كان الإعفاء يشمل المخالفين حتى تاريخه، فمن باب أولى أن يمتد إلى الشركات التي أظهرت حُسن نية وتعاونت مع الوزارة بتسفيرعمالها، ولكن حالت ظروفها المالية دون سداد الغرامات المستحقة عليهم. ومثل هذا النظرة الواقعية والإنسانية للموضوع تعود على بعض المواطنين بالخير وتزيح عنهم شبح الإفلاس المترتب على فشل مشروعاتهم أو لعدم قدرتهم على تحصيل ديون لهم طرف الغير.