أربع شركات فقط من أصل 29 شركة مدرجة في سوق الدوحة للأوراق المالية تزيد أسعارها اليوم عن 200 ريال للسهم، ويصل عدد الشركات التي يزيد سعر سهمها عن 160 ريالاً إلى عشرة شركات فقط. وفي المقابل فإن ثلاث عشرة شركة تقل أسعارها عن خمسين ريالاً للسهم، وتتوزع أسعار أسهم الشركات الست الباقية ما بين 58 إلى 145 ريال، فهل يعبر ذلك الترتيب عن حقيقة وضع المراكز المالية للشركات وأرباحها المحققة في عام 2003، أم أن هناك عوامل أخرى تؤثر في الترتيب فترفع سعر سهم هذه الشركة وتؤخر سعر أخرى؟
إن من المؤكد أن ربح أي شركه هو العامل الأساسي في تحديد سعر سهمها في السوق وخاصة إذا سمحت ظروف الشركة بتوزيع عائد مرتفع على السهم. إلا أن ذلك لا يمثل العامل الحاسم في مثل الظروف الراهنة التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في معدل النمو الاقتصادي مع انخفاض قياسي في معدلات الفائدة على الريال القطري والعملات الرئيسية بوجه عام. ولو اقتصر الأمر على موضوع الأرباح فقط لكان سعر سهم شركة اتصالات في المقدمة بفضل الأرباح العالية التي تجاوزت المليار ريال والعائد المرتفع على السهم الذي بلغ7.2 ريال ، ولربما جاء سهم بنك قطر الوطني ضمن القائمة المتقدمة حيث بلغت أرباح البنك 640 مليون ريال ووزع عائداً بواقع 5.25 ريال للسهم الواحد.
إن الأمر الحاسم الذي بات يؤثر على أسعار أسهم الشركات خلال العامين الماضيين، وبرز بوضوح في السنة الأخيرة هو الكيفية التي توزع بها الشركات أرباحها، ومقدار الربح الموزع في كل حالة. فالشركات التي قررت توزيع أرباح في صورة أسهم مجانية كانت لها الريادة في موضوع ارتفاع الأسعار في سوق الأسهم، وكلما زادت نسبة العائد في صورة أسهم كلما زاد السعر، ولذلك وجدنا بنك الدوحة الذي قرر توزيع سبعة أسهم لكل عشرة يحلق سعره عالياً إلى 225 ريالاً. ولو قرر بنك قطر الوطني توزيع نصف أرباحه نقداً والباقي في صورة أسهم مجانية لكان سعر السهم الآن بين أسهم المقدمة، ولو وزعت الشركة العقارية أو الكهرباء والماء أسهماً مجانية ولو بواقع 10% لكانت أسعار هاتين الشركتين ضعف ما وصلتا إليه.
والتفسير المفهوم لهذه الظاهرة أن توزيع 72% نقداً على القيمة الاسمية للسهم كما فعلت شركة اتصالات يعني توزيع 7.2 ريال لكل سهم، في حين أن توزيع 70% في صورة أسهم مجانية كما فعل بنك الدوحة يعني أن يحصل حامل السهم على سبعة أعشار سهم جديد بقيمة 119 ريال عندما كان سعر السهم في السوق 170 ريالاً مع نهاية العام 2003، وهي تزيد حالياً عن 157 ريال بالسعر الحالي. ولقد بات مفهوماً الآن أن الموجة الجديدة من ارتفاع الأسعار في السوق قد حدثت في الأسبوع الماضي على ضوء التوجهات الجديدة لدى بعض البنوك والشركات لزيادة رؤوس أموالها عن طريق طرح أسهم جديدة للاكتتاب يقتصر على مساهمي تلك الشركات وبسعر تفضيلي. ولا أحد يعترض على عمليات زيادة رؤوس أموال الشركات إذا كان ذلك يتم في إطار التوسع المشروع لنشاط الشركة محلياً أو بفتح فروع خارجية كما يفعل مصرف قطر الإسلامي الذي نشط في الدخول في شراكات عربية وعالمية بدأت قبل شهرين بافتتاح بيت التمويل العربي في بيروت. ولكن أن تتم زيادات رأس المال بشكل متكرر وبدون مبررات واضحة فذلك ما نخشى ونحذر منه لكي لا يؤدي في النهاية إلى عواقب لا تُحمد عقباها إذا ما انفجرت الفقاعة وانهارت الأسعار في يوم من الأيام. ولذلك أدعو الجهات الرقابية المسئولة أن تقنن موضوع زيادات رؤوس الأموال وأن تضع لها ضوابط بحيث يكون من الواضح لجميع المهتمين بالأمر أن شركة كذا تخطط لزيادة رأسمالها من قراءة البيانات المالية للشركة، لا أن يُفاجأ بها المستثمرون في فترة زمنية قصيرة، فترتفع الأسعار بشدة، ويكون ذلك لصالح فئات من الناس دون أخرى. وإذا لم يحدث مثل هذا التقنين فإن الأسعار في السوق ستظل عرضة للتقلبات الشديدة والاحتمالات الخطرة بغض النظر عن فترة ازدهارها الراهنة.