أن يقدم المجتمع خدمة أو مساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، فذاك أمر طيب ويعكس مدى رُقي المجتمع وتحضره، وأن يتخطى المجتمع هذه المرحلة ويتجاوزها لما هو أكبر منها وأعمق أثراً، فذلك ما يعبر بصدق عن نبل المشاعر الإنسانية لدى المسؤولين في هذا البلد المعطاء وتفانيهم في تذليل كل الصعاب أمام أبنائنا وبناتنا من إجل التغلب على أسباب إعاقتهم ومنحهم مفاتيح المشاركة الفاعلة في أنشطة الحياة الواسعة بما في ذلك الحصول على وظائف مناسبة. وإذا كان حضرة صاحب السمو الأمير المفدى حفظه الله قد أصدر قبل أسابيع قليلة القانون الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة، فإننا قد شهدنا هذا الأسبوع تخريج أول دفعة لبرنامج تعليم الكمبيوتر للمكفوفين من معهد النور. فالمعهد الذي تأسس قبل سنوات قليلة لم يكتف بتعليم المكفوفين لغة برايل التي تمكنهم من القراءة والكتابة بلغة خاصة فقط ولكنه، وبتوجيه من سمو الشيخة موزة، حرم حضرة صاحب السمو الأمير، قد حرص على تزويدهم بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من أجهزة وبرمجيات.
وكان أن أطلق المعهد في العام الماضي أول دورة تأسيسية لتعليم المكفوفين كيفية التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت من خلال البرنامج الذى طورته شركة صخر والمعروف باسم إبصار. وهذا البرنامج المتطور يمكن المكفوف وضعيف البصر من استعمال الكمبيوتر دون مساعدة من أحد، حيث يتكفل البرنامج بقراءة السطور المكتوبة على الشاشة سواء كانت باللغة العربية أو الإنجليزية. ويستطيع المكفوف لذلك من كتابة ما يشاء وتصحيح ما يقع فيه من أخطاء، وأن يحفظ ما يكتبه أو يطبعه على ورق عادي. كما يمكنه أن يدخل إلى عالم الإنترنت ويتصفح المواقع التي تهمه وأن يطالع الصحف اليومية، وأن يفتح بريده الإلكتروني ويسمع الرسائل الواردة إليه وأن يرد عليها.وبفضل هذه التقنية الرائعة يستطيع المكفوف وضعيف البصر الإطلاع على الأبحاث وأمهات الكتب وقراءة كل الملفات الألكترونية-أي المكتوبة على ديسك- وبإمكانه أن يلخصها وأن يعلق عليها..
إن عظمة هذا الإنجاز الذي حققه معهد النور بفضل الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الأمير المفدى وسمو الشيخة موزة حفظهما الله، وإشراف من الدكتور سيف الحجري وخالد الشعيبي، أنه لم يتوقف عند تقديم التدريب اللازم للمحتاجين، وإنما تجاوز ذلك بتوفيره كمبيوتر محمول وبرنامج إبصار لكل خريج من الدورة. وقد كان لرعاية شركة قطر للاتصالات وعلى رأسها سعادة الشيخ عبدالله بن محمد بن سعود آل ثاني، لهذا البرنامج وتقديمها الدعم المادي والأدبي اللازم، أكبر الأثر في نجاح الدورة ووصولها إلى غاياتها المنشودة.
ومرة أخرى أنوه بصدور قانون ذوي الإحتياجات الخاصة قبل أسابيع قليلة، إذ أعطى القانون دفعة ومؤازرة قوية لجهود معهد النور، في مجال مساعدة وتأهيل المكفوفين وضعاف البصر، بالنص على ضرورة أن تقوم كل الشركات والهيئات والمؤسسات والوزارات بتخصيص نسبة من وظائفها لذوي الاحتياجات الخاصة. وأود بهذه المناسبة أن أشيد باستجابة مصرف قطر الإسلامي وعلى رأسه الأستاذ خالد السويدي والمدير العام لما ورد في القانون المذكور وحرصهما على أن يكون لخريجي دورة معهد النور ولذوي الاحتياجات الخاصة بوجه عام مكان بين موظفي المصرف. وأرجو أن تحذو بقية المؤسسات والشركات والوزارات حذو المصرف الإسلامي، في تطبيق القانون، حتى تتضافر جهود المجتمع في تسجيل أعلى درجات الرقي والتحضر .