كان الناس إلى وقت قريب، يترقبون سماع أخبار الاكتتاب في أسهم شركة الصناعات المتوسطة برأسمال 2500 مليون ريال، لما لذلك الاكتتاب المنتظر من تاثير محتمل على أسعار أسهم الشركات الأخرى في السوق من ناحية، ولما قد يوفره من فرص لتحقيق أرباح كبيرة للمكتتبين من ناحية أخرى. وقد تأخر الإعلان عن الشركة الجديدة أكثر من مرة بالنظر إلى ما يتطلبه إنشاء هذا النوع من الشركات من دراسات جدوى تفصيلية يستغرق إعدادها وقتاً طويلاً، إضافة إلى ما يحتاجه من مفاوضات مع الشركاء المحتملين مالكي التكنولوجيا أو متعهدي التسويق. وحتى لا تتأثر سوق الأسهم المحلية بالتكهنات عن موعد طرح أسهم شركة الصناعات المتوسطة، فقد صدرت عدة تأكيدات رسمية بعدم وجود نية لطرح أسهم جديدة هذا العام، وكان لذلك تأثير إيجابي قوي – وإن ليوم واحد فقط – على أسعار الأسهم المتداولة في السوق.
ثم كانت المفاجأء بالإعلان عن مشروع آخر لإنشاء شركة لناقلات الغاز برأسمال 4600 مليون ريال، من خلال إصدار 460 مليون سهم، يُطرح نصفها – أي 230 مليون سهم – للاكتتاب العام للأفراد والشركات، على أن يتم ذلك على ثلاث مراحل وبسعر عشرة ريالات للسهم الواحد، يدفع منها المكتتب خمسة ريالات في المرحلة الأولى يوم 16 يناير 2005. ولم يذكر الإعلان موعد طرح أسهم شركة صناعات المتوسطة ، وإن فُهِمَ أنها لن تطرح قبل منتصف العام القادم لعدم إمكانية طرح مشروعين كبيرين في وقت واحد. ورغم أن موعد الاكتتاب في أسهم شركة ناقلات الغاز قد تم تأخيره إلى شهر يناير القادم لإعطاء الناس الوقت الكافي للاستعداد له بما لا يؤثر على أوضاع السوق، إلا أن الإعلان عنه كان مفاجئاً للكثيرين، سواء لضخامة رأسمال الشركة أو لمقدار الحصة المتاحة لاكتتاب الجمهور. وأحسب أن هذا الإعلان قد أعاد المستثمرين إلى ما كانوا عليه من حيرة؛ يفكرون في تأثيره المحتمل على وضع السوق في الشهور القادمة من ناحية، ويتساءلون عن فرص الربح المنتظرة في الاكتتاب الجديد من ناحية أخرى.
وتمثل السطور التالية محاولة للإجابة على التساؤلات المطروحة، مع التسليم مقدماً بأن ذلك يمثل رأياً شخصياً، وأنه إجتهاد قد يصدق وقد يجانبه الصواب بدرجة أو بأخرى.
وفيما يتعلق بالشق الخاص بفرص الربح المنتظر من الاكتتاب في شركة ناقلات الغاز أشير إلى أن التاريخ قد لا يعيد نفسه، وأن ما حدث في اكتتاب شركة صناعات قد لا يتكرر بالضرورة مع الشركة الجديدة، لاختلاف المعطيات والظروف في كل حالة. ومع ذلك يمكن وضع بعض الفرضيات التي قد تساعد في الوصول إلى تصور مبدئي. ومن هذه الفرضيات أن الاكتتاب في الأسهم المطروحة قد لا يتجاوز خمسة أمثال المبلغ المطلوب أي لا يزيد عن ستة مليارات ريال كحد أعلى، وذلك إذا ما تصورنا أن الحديث عن قانون التستر سوف يضعف المشاركة الأجنبية المخفية في الاكتتاب. ورغم أن الاكتتاب سيتاح أيضاً للشركات القطرية-بما لديها من إمكانيات كبيرة- إلا أن وجود حد أعلى للاكتتاب بنسبة واحد بالمائة لكل مكتتب، وعدم إمكانية الحصول على تمويل مصرفي لتمويل عمليات الاكتتاب، سوف يحولان معاً دون حدوث إفراط زائد في حجم الاكتتاب.
وعلى ذلك فإنه حتى لو حدثت عملية تخصيص للأسهم بواقع سهم لكل خمسة ، فإن أي شخص بإمكانه الحصول على ما يرغب من أسهم لو وزع المبلغ المكتتب به على خمسة بطاقات لعائلته. وتزداد فرص الحصول على الكمية المرغوب فيها من الأسهم كاملة أو أكثر إذا ما تم التخصيص بالطريقة التي تمت في اكتتاب شركة صناعات، وهو ما أشارت التصريحات إلى امكانية حدوثه. ولو تصورنا بعد ذلك أن السعر المنتظر للسهم بعد طرحه للتداول سيتراوح ما بين 10-15 ريال، فإن معنى ذلك أن من يكتتب في أسهم الشركة الجديدة سوف يحصل على ربح سريع يعادل ما بين 100-200% من المبلغ المكتتب به وفق الفرضيات المشار إليها أعلاه.
هذا المستوى المرتفع من الربح في غضون شهرين أو ثلاثة لا يمكن أن يتحقق في أي مجال آخر، وقد يؤدي الاستعداد له إلى الضغط على اسعار أسهم الشركات الأخرى المتداولة في السوق، من أجل توفير السيولة اللازمة للاكتتاب. وسيزداد الضغط أكثر بعزوف بعض المستثمرين عن دخول السوق تخوفاً من تراجع الأسعار، وبإقدام بعض حملة الأسهم على التخلص من بعض الأسهم التي لا يُرجى منها فائدة تذكر. المعروف أن أسعار الأسهم تمر بمرحلة تصحيح منذ بداية شهر مايو الماضي، وقد توقعت في مقال سابق أن يستمر هذا التصحيح حتى شهر يوليو ، وأنه قد يطول أو يقصر حسب ما يستجد من تطورات. وأحسب اليوم أن الإعلان عن مشروع شركة ناقلات الغاز يمثل حدثاً له تأثيره على سوق الأسهم ، وسوف تتأكد هذه الفرضية إذا لم تنجح الميزانيات نصف السنوية للشركات المتوقع نشرها في شهر يوليو في إعادة المستثمرين للسوق بقوة في ذلك الوقت.