إذا ما صحت التوقعات، فإن مؤشر سوق الدوحة سوف يواصل ارتفاعه هذا اليوم الأربعاء، وقد كنت حتى قبيل الظهر ليوم أمس الثلاثاء أشعر أن انتفاضة السوق التي بدأت يوم الخميس الماضي واستمرت على مدى الأيام السابقة من هذا الأسبوع قد بدأت تضعف وتخبو، وأن الأسعار ستعود إلى الانخفاض خلال يوم أو يومين. ولكن شيئاً ما حدث في النصف ساعة الأخير من تداول يوم الثلاثاء عندما قفز سعر سهم بنك الدوحة بأكثر من عشرة ريالات ليتجاوز المائة والخمسين ريالاً، ولحق به سعر سهم التجاري والوطني. عندها أدركت أن موجة جديدة من الارتفاعات قد حدثت وأنها قد تستمر في الأيام التالية. ومثل هذه الموجة لا تأتي عادة من فراغ وإنما نتيجة لمعلومات أو قرارات. وحتى يوم أمس كانت المعلومات التي صدرت عن أداء الشركات عن فترة النصف الأول من العام شحيحة ومحدودة، وأهمها ما قيل بالجملة عن أن أرباح مصرف قطر الإسلامي في النصف الأول من العام 2004 تزيد عن أرباح عام 2003 ككل البالغة 145 مليون ريال، وما أشار إليه بيان السوق يوم الأحد من أن أرباح الشركات في النصف الأول من هذا العام أفضل من مثيلاتها في الفترة المناظرة من العام 2003. وهذه المعلومات جيدة وتساعد في تحريك السوق، ولكنها ليست كالميزانيات المنتظرة من حيث كمية ما تحتويه من معلومات. من هنا يبدو غريباً أن ينخفض سعر سهم بنك الدوحة على سبيل المثال إلى أقل من 130 ريالاً ثم يعود إلى الإرتفاع ثانية إلى 154 ريال في غضون أسبوع واحد ما لم تكن هناك معلومات قد رشحت عن أداء البنك أو خططه المالية.
ومن المؤكد أن ارتفاع أسعار الأسهم في السوق قد أثلج صدور حملة الأسهم الذين تضرروا كثيراً من الانخفاضات المتتالية للأسعار على مدى 9 أسابيع منذ بداية شهر مايو الماضي وحتى نهاية الأسبوع الأول من يوليو. وأشعر بالأسف للخسارات التي لحقت بالكثير من المساهمين الذين اشتروا أسهماً في تلك الفترة بأسعار مرتفعة نسبياً ثم تدحرجت بهم السوق عدة أسابيع مما اضطرهم إلى البيع خوفاً من تدهور الأسعار على نحو غير محتمل. وقد كان التراجع في الأسعار متوقعاً ومفهوماً كإجراء تصحيحي في شهري مايو ويونيو، ولكنه تحول إلى ظاهرة مقلقة بعض الشيئ في يوليو بعد أن استجد في الأمور أمور ساهمت في تقليل السيولة المتاحة في السوق. وقد امتد القلق إلى وزارة الاقتصاد وإدارة سوق الدوحة نفسها، فكان أن بذلت جهود مشكورة لانتشال السوق من أزمتها سواء بالدفع في اتجاه توسعة مجالات الاستثمار أمام الخليجيين ، أو باستعجال صدور اللائحة التنفيذية لمشروع الصناديق، أو بالاعلان الصادر عن السوق، والندوات التى تقرر عقدها أسبوعياً من أجل تنشيط التعامل. وقد نجحت هذه الجهود كما قلت في إعطاء السوق دفعة لا بأس بها وارتفع المؤشر نحو 300 نقطة من أدنى مستوى وصله المؤشر يوم الأربعاء الماضي. وكان السوق على وشك أن يفقد زخم اندفاعه في ظل الغياب الكامل للبيانات، ولكن قفزة النصف ساعة الأخيرة يوم الثلاثاء قد أعطت الأمل في إمكانية استمرار الارتفاع لفترة أطول. ومن الملاحظ على أي حال أن الارتفاع الكبير في الأسعار سيكون من نصيب الشركات الواعدة التي تفكر في زيادة رؤوس أموالها عن طريق توزيع أسهم مجانية بالدرجة الأولى أو عن طريق الاكتتاب في زيادة بسعر مخفض لحملة الأسهم. وقد يأتي في مقدمة هذه الشركات عدد من البنوك وربما عدد من شركات التأمين وعدد قليل من شركات الصناعة والخدمات.
ويكاد يكون من المتوقع لذلك أن يستمر ارتفاع الأسعار في الأيام القادمة، ولكنه سيكون في الغالب ارتفاع انتقائي بحيث لا يطول أسعار كل الشركات، أو أنه سيكون بدرجات متفاوتة من شركة لأخرى. ومن غير الواضح في هذه اللحظة ما إذا كانت السيولة قد عادت بقوة من الخارج إلى السوق لاقتناص فرص باتت مواتية، أم أن الارتفاع الذي أصابته أسعار الأسهم قد تحقق بالجهود الذاتية وبالسيولة الداخلية مما أحدث انتفاضة محدودة في السوق على نحو ما شاهدنا في أسبوع قد مضى.