كتبت قبل ثلاثة أسابيع مقالاً بعنوان: «كيف تتحرك أسعار الأسهم في الأسابيع القادمة؟»، تنبأت فيه بأن تظل أسعار أسهم معظم الشركات «محلك سر» في غياب العوامل المحفزة لارتفاع الأسعار، وقصدت بتلك العوامل ظهور الصناديق إلى حيز التنفيذ الفعلي ودخول غير القطريين إلى السوق تحت مظلة الـ 25%. وقد حدث ان راوحت أسعار أسهم معظم الشركات مكانها بالفعل في الفترة الماضية، بل وعاد بعضها إلى التراجع هذا الأسبوع في ظل الغموض الذي يكتنف موعد ظهور الصناديق من ناحية، وعدم حصول تقدم على جبهة الـ 25% لغير القطريين من ناحية أخرى.
ومع اقتراب موعد الاكتتاب في أسهم شركة ناقلات الغاز فإن حالة الترقب التي تسود السوق حالياً سوف تتعمق بسبب عزوف كثير من المستثمرين عن عقد صفقات جديدة وتفضيلهم الانتظار لحين موعد الاكتتاب أملاً في تحقيق ربح وفير ومضمون. ورغم ان الأسابيع القادمة ستشهد الإعلان عن ميزانيات الشركات ونتائج أعمالها لفترة الشهور التسعة الأولى من العام الحالي، إلا أن ذلك لن يغير من واقع الحال في السوق كثيرا، وغالبا ما سترتفع أسعار أسهم بعض الشركات ذات الأداء الجيد وخاصة في قطاعي البنوك والتأمين، لتسترد بذلك بعضا مما خسرته في الفترة الأخيرة، كأن يعود سعر سهم المصرف الإسلامي إلى 175 والوطني إلى 180 والدوحة والتجاري قريباً من 170 ريالاً.
ولكن ما لم تكن هناك مفاجآت غير متوقعة في البيانات المنتظرة للشركات – وهو امر مستبعد – فإن هاجس الحرص على تأمين مراكز جيدة في اكتتاب شركة ناقلات الغاز سيكون هو العامل المهيمن والمسيطر على تعاملات السوق في الأسابيع القادمة وهو ما يعني ضمناً ان تظل السوق هادئة نسبياً وأن تميل أسعار بعض الشركات إلى الاستقرار وان ينخفض بعضها في خضم عمليات بيع لتأمين السيولة اللازمة للاكتتاب.
ومع ذلك لا يمكن استبعاد عنصر المفاجآت ونحن نتحدث عما يمكن ان يحدث في الأسابيع القادمة وذلك من قبيل حدوث تطور مهم في موضوع السماح لغير القطريين بالتداول في السوق. فالقرار الذي صدر مع نهاية شهر يوليو الماضي أزال العائق أمام حركة التداول لغير القطريين، ولكنه علق ذلك بموافقة الجمعيات العمومية غير العادية لكل شركة على حدة. فهل تخطو إدارات الشركات خطوات ملموسة باتجاه الدعوة لعقد اجتماعات غير عادية في الأسابيع القادمة أم ان كل شركة تفضل الانتظار لترى ما تفعله الشركات الأخرى؟
في تقديري ان الدولة وهي صاحبة القرار الصادر عن وزير الاقتصاد والتجارة، قد تكون معنية أكثر من غيرها بتفعيل القرار من خلال الشركات التي تساهم فيها الدولة، وأن تكون في ذلك أسوة حسنة لغيرها. وعلى سبيل المثال من السهل صدور قرار عن شركة صناعات قطر التي تمتلك قطر للبترول 70% من أسهمها بالموافقة على السماح لغير القطريين بامتلاك وتداول أسهمها، مادام لا توجد جمعية عمومية للشركة بالشكل المتعارف عليه في الشركات الأخرى. ولو صدر مثل هذا القرار فإنه سيعطي أسهم صناعات أولوية في استقطاب مدخرات غير القطريين، نظرا لأن انعقاد أي جمعية عمومية لأي شركة أخرى يتطلب تحضيرا يستغرق وقتاً.
والمبادرة من جانب شركة صناعات بالذات تبدو مطلوبة وملحة أكثر من غيرها لإنعاش الطلب على أسهم الشركة التي ظلت أسعارها متقوقعة عند مستوى يتراوح ما بين 50 و54 ريالاً لوقت طويل، رغم ثقة الناس المفرطة في هذه الشركة العملاقة.
إن تحريك سعر سهم صناعات يحتاج إلى قرارات جريئة لعل في مقدمتها صدور قرار بالسماح لغير القطريين بامتلاك وتداول ما نسبته 25% من أسهم الشركة. وإذا كان الفضل يرجع لهذه الشركة في استقطاب مدخرات آلاف القطريين إلى سوق الأسهم في عام 2003، فقد يكون لها الفضل أيضاً في إدخال آلاف غير القطريين لسوق الأسهم القطرية قبل نهاية عام 2004.