عندما يُصدر البنك المركزي عُملة ما ويطرحها للتداول، فإن تلك المبالغ المصدرة والمتداولة خارج البنك المركزي تشكل التزاماً على البنك، عليه الوفاء به إذا اقتضت الضرورة. والوفاء بالالتزام يكون في تحويل هذه العملة المحلية إلى عملات أجنبية قابلة للتحويل كالدولار واليورو والين وغيرها. ولكي يتمكن البنك المركزي من القيام بهذه المهمة، فضلاً عن الحفاظ على سعر صرفها، فإنه يحتفظ باحتياطيات نقدية من العملات الأجنبية لا تقل عن 100% من النقد المصدر. ومع تطور وسائل الدفع في العقد الأخير ودخول بطاقات الائتمان بأنواعها المختلفة وبطاقات الصراف الآلي باعتبارها وسائل دفع مقبولة إلى جانب النقد والشيكات المصرفية، فإن الحاجة للنقد المصدر لم تعد تنمو كما في السابق. ومع ذلك فإن نمو الاحتياطيات الأجنبية وتراكمها لدى البنك المركزي يجب أن يستمر، طالما أن الأموال التي قد يُطلب من البنك المركزي تحويلها-ولو نظرياً- لا تقتصر فقط على النقد المتداول، وإنما تتعدى ذلك- في أوقات الأزمات- لجانب مهم من أموال القطاع الخاص المودعة في البنوك المحلية. وقد يكون لدى هذه البنوك موجودات بالعملة الأجنبية تستطيع الدفع بها، إلا أن ذلك لا يكفي لتغطية طلبات تحويل كل الودائع بالعملة المحلية إلى عملات أجنبية في أوقات الأزمات المالية. وقد حدث شيء من هذا القبيل في الأزمات المالية التي عصفت بدول جنوب شرق آسيا وفي دول أمريكا اللاتينية وتركيا وغيرها.
وفي قطر، سجل النقد المصدر زيادة سنوية محدودة وتضاعف مرة واحدة فقط في 13 سنة من 1412 مليون ريال في عام 1991 إلى 2811 مليون ريال في يونيو 2004، وفي المقابل تضاعفت ودائع البنوك الإجمالية في نفس الفترة ثلاث مرات ونصف، من 15 مليار ريال إلى 56.8 مليار ريال. وفي مواكبة هذه الزيادات الكبيرة حرصت الدولة على تدعيم احتياطيات مصرف قطر المركزي كلما سنحت الفرصة لذلك. والدعم قد يكون في رأس المال مباشرة أو في الاحتياطيات. ونجد بهذا الخصوص أنه قد تمت مضاعفة رأس المال في عام 1995 عشرة مرات إلى 500 مليون ريال، ثم ضوعف رأس المال مرة أخرى عام 1997 إلى 1000 مليون ريال. ومع زيادة رأس المال فُتح الباب لزيادة الاحتياطيات القانونية وغيرها باعتبار أن هذه الأخيرة تكون في العادة نسبة من رأس المال. وقامت الدولة في العام الماضي 2003 بزيادة احتياطيات المصرف بـ ألف مليون دولار أو ما يعادل 3640 مليون ريال، مما رفع جملة رأسمال المصرف واحتياطياته إلى 5.3 مليار ريال، حسب بيانات نشرة يونيو 2004 الفصلية. وقد عززت تلك الزيادة من موجودات المصرف بالعملات الأحنبية إلى ما يقارب 11 مليار ريال أي ما يعادل 400% من النقد المصدر. ورغم ارتفاع هذا الرقم على النحو المشار إليه، إلا أنه بحاجة إلى زيادات أخرى إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الزيادة المطردة في حجم ودائع القطاع الخاص على الأقل التي بلغت حتى يونيو الماضي نحو 35 مليار ريال. كما أن متطلبات الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون قد تفرض التزامات جديدة بهذا الخصوص في المستقبل القريب عندما يُطلب من الدول الأعضاء أن تحتفظ لدى مصارفها وبنوكها المركزية باحتياطيات كافية من الصرف الأجنبي.
من أجل ذلك نعتقد بضرورة زيادة رأس مال مصرف قطر المركزي، بما يساعد على نمو الاحتياطيات وتراكمها، بشكل يتمشى مع النمو الاقتصادي الكبير الذي تحققه دولة قطر والذي سوف يتسارع بقوة في السنوات القليلة القادمة على ضوء الزيادة الكبيرة في أسعار النفط ومضاعفة الطاقة التصديرية من الغاز المسال سنة بعد أخرى.
ملاحظة: تأتيني استفسارات كثيرة بخصوص أسعار الأسهم ولكني لا أستطيع أن أكتب عن موضوع الأسهم كل أسبوع لأهمية الكتابة في الموضوعات الاقتصادية الأخرى.