ما يحدث في سوق الدوحة للأوراق المالية من تراجع في أسعار أسهم كثير من الشركات أمر مقلق وخاصة لتلك الفئة من الناس التي راهنت على السوق باعتباره مصدر أمان لمدخراتها ووسيلة لتنمية تلك المدخرات، فكانت النتيجة أن تعرضت لخسائر لم تكن في الحسبان. وقد كان من المتوقع أن تشهد السوق في هذه الفترة من السنة ارتفاعاً محسوساً في الأسعار نتيجة اقتراب نهاية العام وما يعنيه ذلك من امكانية جني الأرباح الكبيرة التي توزعها الشركات المساهمة في العادة سواء كانت أرباحاً نقدية أم في صورة اسهم مجانية. وقد تابعت حركة أسعار الأسهم في الفترة ما بين 30 يوليو وحتى 5 أكتوبر فوجدت ما يلي:
1- أن عشرة شركات فقط قد سجلت زيادة في أسعار أسهمها في الفترة المشار إليها هي أربعة بنوك ليس بينها الدوحة والتجاري، وخمس شركات تأمين ليس بينها الدوحة، إضافة إلى قطر للسينما والكهرباء والماء.
2- أن سبعة شركات قد حافظت على نوع من الاستقرار في أسعارها بين بداية الفترة ونهايتها وهي بنكا الدوحة والتجاري والاسمنت والتحويلية وصناعات والملاحة واتصالات قطر.
3- أن بقية الشركات وعددها 13 شركة، قد سجلت تراجعاً ملحوظاً في أسعار أسهمها ويأتي في مقدمتها شركات مثل العقارية والنقل البحري والإجارة والتنمية والطبية والفحص الفني والدوحة للتأمين.
وبتحليل الموقف في المجموعات الثلاث نجد أن أسهم الشركات في المجموعة الأولى قد ارتفعت نتيجة إدراك بأن هذه الشركات تخطط لتوزيع أرباح جيدة وربما أسهم مجانية في بعضها مما خلق طلباً قوياً على أسهم تلك الشركات فارتفعت. وقد كان من الممكن ان تكون أسعار أسهم هذه الشركات عند مستويات أعلى مما هي عليه الآن لو لم يكن هناك في الأفق اكتتاب في أسهم شركة ناقلات الغاز.
الجدير بالذكر أن أسهم كلاً من بنك الدوحة والبنك التجاري كانا في العام الماضي في مقدمة الأسهم التي تقود السوق نحو الارتفاع، ولكنهما يميلان هذا العام نحو الاستقرار، ربما لعدم وجود دافع أو مبرر قوي لارتفاعهما عن المستويات الراهنة.
وتبدو أسعار أسهم شركات الاسمنت واتصالات قطر والملاحة مستقرة رغم ما توزعه من أرباح جيدة وذلك بسبب المستويات المرتفعة لأسعارها وعدم وجود سيولة إضافية في السوق يمكن أن تتحرك باتجاهها. وأما أسعار أسهم شركتي صناعات والتحويلية فإنها مستقرة عند مستويات منخفضة نظراً لمحدودية الأرباح المتوقعة من هاتين الشركتين والتي قد لا تزيد عن 2.5 ريال للسهم الواحد من ناحية، وبسبب ضعف الطلب عليهما في ظل حالة الترقب التي تسود السوق بانتظار الاكتتاب في أسهم شركة ناقلات الغاز.
أما أسعار أسهم المجموعة الثالثة فقد انخفضت لأنها كانت أعلى من مستوياتها الحقيقية، نتيجة طلب قوي لم يكن يسنده إلا وجود سيولة زائدة في السوق في وقت سابق، فلما ذهبت السيولة انكشف وضع هذه الأسهم. ثم إن أغلب هذه الشركات لن توزع أرباحاً مجزية هذا العام وبعضها لن يوزع أرباحاً بالمرة ومن ذلك شركات التنمية والطبية والمستشفى والمخازن والمواشي، فكان من الطبيعي أن تكون اسهم هذه المجموعة من الشركات أول ما يتم التضحية به من أجل عيون ناقلات الغاز.
والخلاصة أن الاكتتاب في أسهم شركة ناقلات الغاز قد سرق الأضواء من السوق، ولم تنجح العوامل المستجدة كموضوع الصناديق وقرار السماح لغير القطريين بامتلاك الأسهم القطرية في إحداث أي تغيير في الوضع القائم، بالنظر إلى أن هذه القرارات ظلبت بعيدة عن التطبيق الفعلي. وسوف يستمر الوضع في سوق الأسهم على ما هو عليه في الشهور القادمة ما لم تحدث تطورات مفاجئة. وفي تقديري إن عمليات بيع الأسهم سوف تستمر إلى أن يصبح لدى المواطنين السيولة الكافية للاكتتاب في اسهم ناقلات الغاز. وقد يحدث لذلك انخفاض في أسعار أسهم المجموعة الثالثة أعلاه على وجه الخصوص، ولكني أنصح المتعاملين بعدم الإفراط في البيع في هذه المرحلة، لأن الأسعار مرشحة للارتفاع ثانية في شهر فبراير على الأرجح، ومن يستطيع توفير الأموال اللازمة للاكتتاب من مصادر أخرى فليفعل، لأن ذلك أفضل من بيع الأسهم بخسارة كبيرة ، والله أعلم.