مشاكل الاستثمار في الأسهم القطرية

أولاً: سمات التعامل في الأسهم القطرية
1- محدودية عدد الشركات المدرجة في السوق القطري حيث يصل العدد الكلي إلى 30 شركة، وكان إلى عهد قريب قبل عامين أوثلاثة في حدود 20 شركة. وبالنسبة لتلك الفئة من الناس التي ترى أن الفوائد البنكية حرام، فإن عدد الشركات ينخفض إلى الثلث تقريباً حيث ينحصر التعامل في المصرف والبنك الدولي الإسلاميين، والتأمين الإسلامية وعدد من الشركات التي لا تتعامل مع البنوك التجارية، كالإجارة والمستشفى والمخازن.
2- أن أسهم بعض الشركات ومنها شركات التأمين تكاد تكون حكراً على عدد محدود من المساهمين مما يجعلهم يتحكمون في أسعار الأسهم.

3- أن التعامل في سوق الدوحة –باستثناء عدد محدود من الشركات مغلق على القطريين فقط، وقد كان غير القطيريين يتعاملون في السوق بأسماء قطرية فجاء قانون التستر ليحد من هذه الظاهرة كثيراً. ورغم صدور قرار عن وزير الاقتصاد والتجارة يسمح لغير القطريين بالتداول في حدود 25% إلا أن ذلك لم يوضع موضع التنفيذ حتى الآن. كما أن أحداً لم يعلن بعد عن إنشاء صناديق استثمارية رغم صدور القانون واللائحة وتعليمات مصرف قطر المركزي.

4- أن العوامل المشار إليها تجعل سوق الدوحة في أغلب الأوقات سوق خفيفة –Thin market- ، وقد تكون الأسعار بذلك تحت رحمة التحركات المفاجئة لكبار المتعاملين. ويمكن القول إن قواعد التحليل الفني لتحركات الأسعار قد لا تصدق مع كثير من الشركات، أو أنها تعمل أحياناً وتتعطل كثيراً، مما يستوجب استقراء كافة العوامل المؤثرة في الأسعار بوجه عام وسعر سهم كل شركة على حدة.

5- أن هناك بالفعل مجموعة من كبار المتعاملين الذين إذا دخلوا السوق ترتفع الأسعار بشدة وبسرعة، وإذا خرجت من السوق تعود الأسعار إلى الانخفاض. وهذه المجموعة يكون لديها خبراء متخصصين في هذا المجال ولديهم القدرة على استقراء الأحداث وتوقع اتجاهات الأسعار فيسبقون غيرهم في الدخول والخروج.

6- وفي المقابل فإن الكثير من المتعاملين تنقصهم الخبرة والدراية بفن التعامل بسوق الأسهم، ويعتمد الكثيرون من هؤلاء على الحظ وعلى ما تتناقله الإشاعات وآراء الغير دونما قدرة على قراءة البيانات المالية السنوية وربع السنوية للشركات لمعرفة الحقيقة. كما أن بعض المتعاملين لا تكون لديه استراتيجية واضحة في هذا المجال.

7- أن كثيراً من المتعاملين-وفي غياب استراتيجية واضحة- لا يكون مستعداً لتحمل الخسارة ولو كانت قليلة، وتكون النتيجة أن الخسائر قد تكبر وتتضاعف في وقت لاحق.

8- أنه لا توجد في قطر حتى الآن مكاتب متخصصة للتحليل المالي في مجال الأسهم القطرية، وما تنشره الصحافة القطرية بين الحين والآخر ما هي إلا إجتهادات غبر منتظمة لملء الفراغ الموجود في الساحة.

9- أن سوق الدوحة لازالت سوق ناشئة وحديثة ورغم ما تبذله وزارة الاقتصاد والتجارة وإدارة السوق من جهود لضبط الأوضاع وملاحقة التجاوزات والمخالفات سواء من جانب الشركات المساهمة أو بعض مكاتب الوساطة، إلا أن الأمور لم تصل-في تقديري- إلى مرحلة الشفافية التامة، بحيث يتساوى الجميع في الحصول على المعلومات في الوقت المناسب، وفي تنفيذ أوامر الشراء والبيع بدون تأخير.

10- أن سوق الأسهم مثلها في ذلك كأوضاع الاقتصاد القطري بوجه عام هي سوق متقلبة وتتأثر بالمتغيرات التي تطرأ على أسعار النفط وعلى مستويات العجز أو الفائض في الموازنة العامة للدولة وعلى مستويات الإنفاق العام وباتجاهات السياسة المالية لوزارة المالية والسياسة النقدية لمصرف قطر المركزي.

ثانياً: المشاكل التي يقع فيها المتعاملون

1- الدخول إلى السوق دون أن يكون لدى المتعامل استراتيجية واضحة أو تصور لما سيفعله أو ما سيقرره إذا ما ربح أو خسر، ومن باب أولى ليس لديه تحديد لكونه مستثمر طويل الأجل أو مضارب قصير الأجل.

2- دخول المتعامل إلى السوق بكامل إمكانياته وقدراته المالية وذلك قرار خاطئ حتى لو نتج عنه في بعض الأوقات أرباح كبيرة بالصدفة. وبوجه عام يستحسن التدرج في الشراء، خاصة لأولئك الذين تنقصهم الخبرة.

3- التركيز على أسهم شركة أو شركات بعينها، أمر غير محمود العواقب خاصة إذا كانت في قطاع واحد. والصحيح أن يتم الاستثمار في أسهم شركات تتوزع على عدة قطاعات لتجنب الخسائر.

4- الدخول إلى السوق واتخاذ قرار الشراء دون دراسة لتطور سعر السهم على مدى العام أو العامين الماضيين من أجل اختيار الوقت المناسب. المعروف أن أفضل وقت للشراء يكون بعد انتهاء موسم توزيع الأرباح حيث يميل المتعاملون للبيع بقصد جني الأرباح.

5- الدخول للسوق دون محاولة للتعرف على الأوضاع المالية للشركة من واقع ميزانياتها المنشورة كل ثلاثة شهور، وإذا لم تكن لديه القدرة على فهم ما بين السطور فعليه بسؤال أهل الخبرة.

6- عدم قدرة بعض المتعاملين على الخروج من السوق، إذ ما أن يبيع ما لديه من أسهم حتى يقرر العودة ثانية دون أن يعطي نفسه فرصة لتقييم ما مر به من تجارب، أو أن يدرس أوضاع السوق جيداً.

7- استخدام تسهيلات ائتمانية من البنوك لتمويل صفقات أسهم غير مدروسة، فذلك أمر خطير، حيث يميل البنك إلى وقف الصفقة وبيع الأسهم لو انخفضت الأسعار بشكل مفاجئ. إن من الأفضل تمويل المشتريات بالامكانيات الذاتية، وعدم اللجوء إلى التمويل البنكي إلا في حالات الاكتتاب فقط، أو في حالة المتعاملين ذوي الخبرة ومن لديهم أجهزة متخصصة.

8- استخدام التسهيلات الممنوحة لتاجر لأغراض تجارية في تمويل مشتريات أسهم لفترات قصيرة الأجل، على أمل أن يخقق أرباح سريعة فيحدث العكس وينخفض السعر ويضطر التاجر لبيع الأسهم إذا ما احتاجت تجارته للتسهيلات.

9- الغياب عن متابعة السوق بسبب مشاغل أخرى، وخاصة التجار الذين لديهم ارتباطات قد تضطرهم للسفر أو الدخول في اجتماعات طويلة، في الوقت الذي يكون فيه لدى المتعامل مراكز مفتوحة أو صفقات كبيرة قد تنخفض أسعارها، وفي مثل هذه الأحوال يستحسن ترك أوامر لدى الوسيط للبيع عند سعر معين إذا ارتفع السعر أو انخفض إلى مستويات معينة.

10- التسرع في اتخاذ قرار ما بالشراء أو البيع استناداً لرأي صديق أو وسيط غير متمكن، ودون أن يكون الرأي متسقاً مع منطق الأرقام الخاصة بأوضاع الشركة المعنية.

11- عدم الربط بين أسعار أسهم الشركات وبين الأوضاع الاقتصادية في البلاد، فالمتعامل الحصيف هو الذي يحاول أن يسأل دائماً عن مدلولات الأحداث والتطورات وما يصدر من قرارات عن وزارة الاقتصاد والتجارة، ووزارة المالية، ومصرف قطر المركزي على أوضاع الشركات وبالتالي على أسعار أسهمها.

12- عدم القدرة على استخدام الانترنت والكمبيوتر وما يوفراه من فرص كبيرة للبقاء على اتصال بالسوق ومعرفة الأخبار المؤثرة عن بُعد.

ثالثاً كيف ينجح المتعامل في تحقيق نتائج طيبة:

تكمن الإجابة على هذا السؤال في فهم السمات العامة لواقع تجارة الأسهم في قطر من ناحية، وفي القدرة على تحاشي المشاكل المشار إليها أعلاه من ناحية أخرى. ويجب أن يكون لدى المتعامل استراتيجية واضحة المعالم منذ البداية تتحدد فيها أهدافه وغاياته، مع بيان عناصر القوة والضعف لديه حتى يكون على بينة من أمره، وسأضرب لذلك أمثله:

1- تاجر ما لديه وديعة مقدارها مليون ريال، وهو غير محتاج لها في نشاطه المعتاد ويريد أن يستغلها بما يعود عليه بعائد لا يقل عن 25% سنوياً بدلاً من الاحتفاظ بها كوديعة مصرفية. والمشكلة أنه ليس لديه خبرة في مجال التعامل بالأسهم، وليس لديه وقت يقضيه في متابعة التطورات والأسعار، وليس لديه من يعينه في هذا المجال لا من أبنائه ولا من موظفيه.
في هذه الحالة الأسلم لمثل هذا التاجر أن يترك لديه سيولة كافية لملاحقة الاكتتابات في الأسهم الجديدة من ناحية، وأن يختار مجموعة قليلة من الأسهم المتداولة في السوق-بعد استشارة أهل الخبرة- ويشتري منها كميات معينة في الأوقات التي تنخفض فيها الأسعار. وعليه أن يترك ذلك كاستثمار طويل الأجل، مع تقييم الأوضاع في نهاية كل سنة لمعرفة ما إذا كان قد حقق العائد المرجو أم لا. وإذا كان هذا التاجر يرغب في المضاربة فإن عليه أن يوكل أحداً أو شركة من ذوي الخبرة في ذلك.

2- أما التاجر الذي لديه أموال كافية خارج تجارته ولديه معاونون من ذوي الخبرة فبإمكانه أن يبدأ بدراسة شاملة لأوضاع الشركات المدرجة في السوق، وأن يحدد الشركات التي سيتعامل في أسهمها، مع التنويع في القطاعات، ولا بأس أن يستحوذ قطاع ما على نسب أعلى من نسب بقية القطاعات. وبعد اختيار التوقيت المناسب للبدء في تكوين محفظة مالية، عليه أن يتدرج في الشراء وصولاً إلى المستويات المقررة. ويجب أن يكون لديه تصور مسبق عن الخسائر التي يمكن أن يتحملها ويصبر عليها لو عاكسه السوق، وأن يكون جاهزاً للخروج عند مستويات معينة.
3- أما التاجر الذي يجمع بين النوعين الأول والثاني كأن يكون لديه بعض الخبرة والمال، ولكن ليس لديه معاونين ولا يستطيع التفرغ كاملاً، فيجب أن يكون على حذر وأن يحدد الفترات التي بإمكانه أن يباشر التعامل أثناءها. وإذا كانت المشكلة في التمويل فإن بإمكانه أن يحصل على تسهيلات لهذا الغرض من البنوك، ولكن مع دراسة العمليات التي تتم بالتمويل جيداً حتى لا تكون النتائج وخيمة.

في الختام أشكر لكم حسن استماعكم ،وأشير إلى أنني قمت في الآونة الأخيرة بقراءة الميزانيات المنشورة عن 9 شهور لكافة الشركات المدرجة في السوق وكتبت تحليلاً عن التأثيرالمحتمل لنتائج أعمال هذه الشركات على أسعار الأسهم. وقد نشرت هذا التحليل على مرحلتين في جريدة الشرق. وقد قمت بمراجعة هذا التحليل وقدمته لكم في مذكرة واحدة لاطلاعكم.