كيف يكون الانحياز لصغارالمستثمرين؟

ليس هناك شك في أن سعادة النائب الثاني عبداللة بن حمد العطية قد أسعد جمهور الحاضرين بقاعة الدفنة مساء الأحد عندما أكد لهم أن توجيهات حضرة صاحب السمو الأمير المفدى تقضي بالإنحياز التام لصغار المستثمرين في موضوع الاكتتاب في أسهم ناقلات الغاز، وأن الاكتتاب سيقتصر فقط على الأشخاص القطريين دون الشركات أو المؤسسات، وأن التعليمات تقضي برد الأموال الزائدة من الاكتتاب في غضون أسبوعين . ونفى سعادته أن يكون هناك أي نية لتأجيل تداول الأسهم في السوق، وأن ذلك سيتم في مدة شهرين من تاريخ قفل باب الاكتتاب.
وكانت المعلومات التي تم عرضها في الندوة كافية لإعطاء فكرة جيدة عن مستقبل الشركة، سواء في ذلك لجهة احتمالات الربحية أو لإمكانية حدوث توسع في نشاط الشركة ورأسمالها. ولكن الجمهور الكبير الذي حضر الندوة لم يحصل من النائب الثاني أو من وزير المالية على جواب قاطع بشأن الحد الأدنى الذي تنوي الحكومة منحه لكل مكتتب، انطلاقاً من أن ذلك يتوقف على معطيات مجهولة لا يمكن إدراكها إلا بعد انتهاء الاكتتاب. كما رفض النائب الثاني الدعوات التي صدرت من بعض الحاضرين لزيادة حصة الجمهور في الشركة عن 50% أو تخفيض الحد الأقصى المسموح به لاكتتاب الشخص الواحد. فهل هناك تعارض بين مبدأ الإنحياز لصغار المستثمرين ، والتمسك بحد أقصى مرتفع؟ وبمعنى آخر هل يؤدي الحد الأقصى المرتفع إلى التقليل من الحد الأدنى المخصص لدعم صغار المستثمرين؟ وما هي الاحتمالات المتوقعة في هذا الموضوع؟
في تقديري أنه لا يوجد تعارض بين التوجهين باعتبار أن الحكومة قادرة من خلال ما سيفرزه الاكتتاب من نتائج على تعظيم فائدة صغار المستثمرين من خلال تصغير الحصة المقررة للنسبة والتناسب لزيادة الحد الأدنى الذي سيحصل عليه كل مكتتب. ونجد في هذا الخصوص أن الحكومة قد تقرر خفض نسبة التخصيص إلى 1% بما يساعد على منح صغار المستثمرين حداً أدنى لا بأس به. ويتوقف ذلك بالطبع على عدد المكتتبين، وعلى مقدار ما يكتتب به صغار القوم(مادياً) من أسهم، وعلى حجم الاكتتاب الكلي(أي عدد مرات تغطية رأس المال). فإذا زادت نسبة التخصيص إلى 2 أو 3 % فإن ذلك يقلل من الحد الأدنى المطلوب شعبياً لتحقيق قدر من العدالة الإجتماعية. وعلى ذلك تبدوالحكومة قادرة على الإنحياز لصغار المستثمرين من خلال تحكمها في النسبة التي تقررها للتخصيص، دون أن تلغي قواعد المنافسة في الحصول على عدد أكبر من الأسهم للقادرين على ذلك من الأغنياء. وبعد دراسة مستفيضة بالأرقام لكافة الاحتمالات التي تبدو ممكنة، وعلى ضوء سيناريوهات تتدرج بحجم الاكتتاب من 4 مليار ريال إلى 10 مليار ريال، وتتدرج بعدد المكتتبين من 130ألف إلى 170 ألف مكتتب، توصلت إلى ما يلي:
1- أن إقرار حد أدنى 1500 سهم يبدو ممكناً جداً وتتوقف النسبة والتناسب على حجم الاكتتاب وعدد المكتتبين بحيث تنخفض النسبة كلما زاد حجم الاكتتاب أو زاد عدد المكتتبين أو الإثنين معاً. فإذا كان عدد المكتتبين 130 ألفاً وحجم الاكتتاب 4 مليار ريال، فإن النسبة والتناسب تبدأ من 14% وتنخفض تدريجياً إلى 1.4% في حالة ما وصل الاكتتاب إلى 10 مليار ريال والمكتتبين إلى 170 ألف مكتتب.
2- أن إقرار حد أدنى 1600 سهم وبنسبة 1.3% للتناسب، يظل ممكناً إذا ظل عدد المكتتبين في حدود 160ألف، وحجم الاكتتاب 10 مليار ريال. وتزداد نسبة التخصيص كلما قل عدد المكتتبين أو قل حجم الاكتتاب بحيث تصل النسبة إلى12% في حالة أن بلغ عدد المكتتبين130 ألفاً وحجم الاكتتاب 4 مليار ريال.
3- أن إقرار حد أدنى 1700 سهم أمر وارد، ولكنه يُضعف النسبة والتناسب إلى أقل من واحد بالمائة، إذا ما زاد حجم الاكتتاب عن 5 مليار وكان عدد المكتتبين لا يقل عن 160 ألف مكتتب.

4- أن إقرار حد أدنى 1800 سهم يظل ممكناً بشرط ألا يزيد عدد المكتتبين عن 160 ألف مكتتباً، وأن لا يزيد حجم الاكتتاب عن 6 مليار ريال.
5- أن إقرار حد أدنى 1900 سهم يبدو صعباً إذا زاد عدد المكتتبين عن 140 ألف مكتتب وإذا ما زاد الاكتتاب عن 7 مليار ريال.
6- أن إقرار حد أدنى 2000 سهم يستلزم أن لا يزيد عد المكتتبين عن 130ألف مكتتب وأن لا يزيد حجم الاكتتاب عن 10 مليار.
الخلاصة
كنت أود أن أنشر مع هذا المقال جدولاً تفصيلياً بالحسابات التي أعددتها لهذا الغرض ولكن ضيق الوقت يحول دون ذلك خاصة وأن الجدول يتضمن 42 صفاً على 5 أعمدة. وقد يكون من المناسب في المقابل أن ألخص ما توصلت إليه من نتائج لمن استعصى عليه فهم الأرقام أعلاه:
أولاً: أن تخصيص 2000 سهم كحد أدنى هو أمر ممكن ولكن احتماله ضعيف لإنه يستلزم ألا يزيد عدد المكتتبين عن 130 ألف مكتتب، وفي ظل عوامل كثيرة يطول شرحها يبدو هذا الأخير أمراً صعباً.
ثانياً: أن الاحتمال الأكبر للتخصيص يتراوح ما بين 1600-1700 سهم كحد أدنى، وذلك استناداً إلى أن عدد المكتتبين سيتراوح ما بين 140 ألف و 150 ألف مكتتب، وحجم الاكتتاب ما بين 8-10 مليار ريال، وبافتراض أن تعبير الانحياز إلى صغار المستثمرين يتطلب القبول بنسبة تخصيص لا تزيد عن 4% ولا تقل عن 1.4%.
وتظل هذه اجتهادات شخصية لصاحب المقال وتخضع بالتالي للنقاش وهي في نظري قريبة من الصواب بشرط ألا تتغير أي من المعطيات الراهنة بشأن الاكتتاب.