قراءة في مضمون المكرمة الأميرية بشأن المستحقات المالية

رغم أن التعليمات التي صدرت عن حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى كانت واضحة وصريحة، إلا أنها استشكلت على بعض الناس الذين لم يفهموا مضمونها وأبعادها. وقد فهم الجميع أن التعليمات تنص صراحة على قيام الجهات المعنية بوزارة شؤون الخدمة المدنية وكافة أجهزة الدولة بسرعة صرف المبالغ المالية المستحقة للموظفين على الدولة، والتي تمثل بقية مستحقاتهم المالية عن مكافأة نهاية الخدمة وفق النظام الذي كان معمولاً به حتى بدء العمل بنظام التقاعد في مارس 2003. وتركزت الاستفسارات حول من تشمله هذه التعليمات من القطريين ومن تستثنيه، وكم هي المبالغ التي سيتم صرفها؟
وللإجابة على هذه التساؤلات نذكر بأن النظام الذي كان سارياً قبل مارس عام 2003 كان يقضي بمنح الموظف القطري مكافأة سنوية بواقع راتب شهر واحد( من راتبه الأساسي) عن كل سنة خدمة ثم بواقع شهرونصف عن كل سنة في الخمس سنوات التالية، ثم بواقع شهرين عن كل سنة بعد ذلك. وكان يحق للموظف الحصول على سلفة على حساب المكافأة بما لا يزيد عن 75% من مستحقاته، وكانت هذه السلفة تساهم في التيسيير على الموظف كلما ضاقت به السبل، إلى أن تم وقف صرف السلف عام 1997.

وعندما تقرر العمل بصندوق التقاعد في مارس 2003 جاء معه بشيئين:
الأول: أن يدفع الموظف فيما سيأتي من أيام 5% من إجمالي راتبه الأساسي+ العلاوة الإجتماعية كل شهر.
الثاني: أن يدفع لصندوق التقاعد حصيلة النسبة المشار إليها (أي الـ 5%) عن الفترة السابقة ما بين تاريخ تعيينه وتاريخ بدء العمل بالصندوق، على أن يتم الدفع من مستحقات مكافأة الخدمة لدى جهة عمله، باعتبار أن نظام التقاعد هو بديل لنظام مكافأة نهاية الخدمة.
ولم يكن في ذلك مشكلة بالنسبة للموظفين الذين تم تعيينهم في السنوات العشرة الأخيرة، حيث كانت المكافأة كفيلة بتغطية المبلغ المستحق في ثانياُ أعلاه. إلا أن الموقف كان بخلاف ذلك بالنسبة لقدامى الموظفين الذين صرفوا سُلفاً على حساب مكافآت نهاية الخدمة قبل عام 1997. فقد وجد كثير من هؤلاء أن مستحقاتهم المتبقية وفق النظام القديم لا تغطي نسبة الـ 5% المطلوبة منهم كي يندمجوا في قانون التقاعد الجديد، وبات لزاماً عليهم أن يدفعوا هذا الفرق لصندوق التقاعد في صورة دفعات شهرية لمدة لا تزيد عن 5 سنوات. وهذه الفئة من الموظفين باتت تدفع لصندوق التقاعد دفعتين شهرياً الأولى الـ 5% المشار إليها + قسط المستحقات عن الفترة الماضية، ويدفع غيرهم الـ 5% فقط.
وعلى ذلك نستطيع أن نفهم أن التعليمات الجديدة لحضرة صاحب السمو الأمير المفدى حفظه الله تقضي بسرعة صرف المستحقات المالية لبعض موظفي الحكومة الذين ظل لهم مثل هذه الاستحقاقات بعد تطبيق قانون التقاعد في مارس من عام 2003، أي منذ قرابة العامين. وبالتالي فإن من يدفع قسطاً إضافياً لصندوق التقاعد بخلاف الـ 5% لا تشمله هذه التعليمات لأنه مدين للحكومة وليس العكس.
وأما بقية الموظفين وهم من الذين لم يحصلوا على سُلف على حساب المكافأة فاؤلئك يستحقون مبالغ مالية قد تقل أو تكثر بحسب مدة الخدمة السابقة. وسنعطي مثالاً على ذلك:
موظف راتبه الأساسي 6000 ريال والعلاوة الاجتماعية 3240 ريال فيكون الإجمالي 9240 ريال. وتاريخ تعيينه مارس 1993، أي قبل عشرة سنوات. مطلوب منه لصندوق التقاعد شهرياً نحو 462 ريال شهرياً لتغطي نسبة الـ 5% المطلوبة. وقد كان عليه عند بدء نظام التقاعد أن يدفع للصندوق عن الفترة السابقة 462 مضروبة في 120 شهر (مدة العشرة سنوات) أي 55440 ريال.ولو حسبنا مكافأته عن الفترة السابقة بحسب النظام القديم سنجد أنه كان يستحق مكافأة تعادل 12.5 شهر راتب أساسي أي 75 ألف ريال. وقد دفعت الحكومة لصندوق التقاعد مبلغ 55440 ريال، ويتبقى له 19560 ريال، وهو ما يجب على الخدمة المدنية أن تدفعه للموظف الآن وبسرعة حسب تعليمات حضرة صاحب السمو الأمير المفدى.
ولو كان تاريخ تعيين الموظف هو مارس 1998 ومدة خدمته خمس سنوات فإن ما يستحقه هذا الموظف جهة الخدمة المدنية هو 30000 ريال وعليه دفع 27720 ريال لصندوق التقاعد فيتبقى له 2280 ريال فقط لا غير.

أرجو أن أكون قد وفقت في شرح حيثيات التعليمات الجديدة لمن يعنيهم الأمر، وأرجو أن تتمكن الوزارة من صرف المبالغ المستحقة لأصحابها في أقرب فرصة لاستخدامها في تمويل الاكتتاب في أسهم ناقلات الغاز، والله من وراء القصد.