ارتفاع سعرسهم كيوتيل ومسألة المنع الشرعي لتمويل الاكتتاب

استحوذ الارتفاع الملحوظ في سعر سهم اتصالات، وموقف الرقابة الشرعية من تمويل الاكتتاب في شركة ناقلات، على اهتمام الشارع الاقتصادي القطري؛ وخاصة المهتمين منهم بما يجري في سوق الأسهم. ونحاول في هذه المتابعة الأسبوعية لشؤون الأسهم المحلية، أن نلقي الضوء على هذين الموضوعين بقصد الوصول إلى فهم أوضح لما جرى من تطورات على هذا الصعيد أو ذاك.
وأبدأ من حيث انتهيت في مقال يوم الاثنين وكان بعنوان: وقفة مع قرار الرقابة الشرعية بعدم تمويل الاكتتاب في ناقلات، وقد أثرت فيه مسألة امتناع البنوك الإسلامية عن تمويل الاكتتاب في أسهم ناقلات لأسباب غير معلنة.
وقد أدلى الدكتور على القرةداغي برأي نشرته صحيفة الشرق في صفحتها الأولى في نفس اليوم مفاده: أن الاكتتاب المباشر في أسهم ناقلات جائز شرعاً، وأن تمويل المصارف الإسلامية لعملية الاكتتاب بطريق المرابحة أمر غير جائز، ولكن الأمر يصبح جائزاً بأساليب شرعية أخرى كالمضاربة والمشاركة. وقد قال الدكتور القرةداغي في تبريره لقرار المنع، إن ذلك نابع من أن تمويل البنك الأسلامي للاكتتاب بالمرابحة هو اتفاق بين طرفين على شراء أحدهما-وهو البنك- لأسهم معينة من طرف ثالث كي يبيعها بثمن مؤجل للطرف الأول مقابل ربح. وطالما أن عدد الأسهم المشتراة غير محدد لوجود تخصيص، فإن الأمر به جهالة وغرر، فيحرم. أي أن الدكتور القرةداغي أكد وجود المنع وأعطى تبريراً له وقدم حلاً لتجاوزه.

وقد سألت سكرتارية هيئة الرقابة الشرعية في المصرف والبنك الدولي فوجدت أن قرار المنع قائم لديهم بالفعل ولكن دون أن يكون مرفقاً بتبرير، مما يعني أن ما تفضل به الدكتور القرةداغي هو اجتهاد من عنده قد توافقه عليه هيئة الرقابة أو تختلف معه، خاصة وأنه ليس من بين أعضائها في الوقت الحاضر.

وفيما يتعلق بالحل المقترح؛ وهو ان يتم التمويل بالمضاربة والمشاركة، فإنني أعتقد أن ذلك غير ممكن باعتبار أن التعليمات الصادرة تقصر الاكتتاب على الأفراد فقط دون البنوك والشركات. والمضاربة والمشاركة تجعل البنك الإسلامي طرفاً في الاكتتاب مما يفتح الباب للبنوك الأخرى كي تطالب بالسماح لها في ذلك عملاً بمبدأ تساوي الفرص، وهو ما يخالف التوجهات المقررة للإنحياز لصغار المستثمرين.

أما القول بأن وجود التخصيص في عملية الاكتتاب يجعل تمويل البنوك الإسلامية له غير جائز، فذلك أمر يمكن البحث عن مخرج شرعي له طالما أن ذلك يمس مصالح الفئة الضعيفة في المجتمع القطري التي هي بأمس الحاجة لمكرمة الاكتتاب. ويتلخص هذا المخرج الشرعي في قبول البنوك لطلبات التمويل التي تتعلق بحد أدنى يمكن تأكيده وليكن 1000 سهم مثلاً للبطاقة الواحدة. فمثل هذا الحد –وعلى ضوء التحليلات التي تمت حول هذا الموضوع- يمكن الجزم بأن من يكتتب بألف سهم سوف يحصل عليها دون زيادة أو نقصان.

وفيما يخص موضوع أسهم اتصالات، فإنه قد لوحظ أن سعر السهم قد ارتفع عدة مرات في صورة قفزات متتالية حتى وصل إلى مستوى250 ريال مقارنة بـ200 ريال قبل شهرين أي بزيادة نسبتها 25%. وقد كنت أظن على ضوء المعلومات المتاحة أن سعر سهم هذه الشركة سيستقر دون 210 ريال، ثم عدلت السعر المتوقع إلى ما بين 220-230 ريال فقط. وكنت أستند فيما أقولً إلى أن الشركة لن توزع في الغالب أسهماً مجانية، ولأنها ستبدأ هذا العام في دفع رسوم للحكومة مقابل احتكارها لخدمات الاتصالات، مما يعني تراجعاً في أرباحها الصافية.

وعندما بدأ سعر سهم اتصالات يعلو بأكثر مما هو متوقع، فإنني بدأت أبحث عن تفسير لما يجري، فلم أجد ما أبحث عنه عند كيوتيل ولا عند إدارة سوق الدوحة للأوراق المالية. وقد خمنت أن يكون وراء الأمر أحد الاسباب التالية:
•إما أن يكون هناك اتجاه للترخيص لشركة اتصالات أخرى ( محلية أو أجنبية)، ويؤدي ذلك-لو كان صحيحاً- إلى إعفاء شركة اتصالات من الرسوم باعتبار أنها لن تعد محتكرة للنشاط في قطر.

•أو أن هناك نية لدى الشركة لزيادة رأسمالها في مواجهة التوسع المستمر في أنشطتها في قطر وفي الخارج –وخاصة عُمان والأردن-.
•أو أن هناك من كبار المستثمرين من وجد أن النمو الاقتصادي الكبير الذي تحققه دولة قطر سوف ينعكس بشكل إيجابي على نشاط كيوتيل، وأنها ستواصل تحقيق أرباح كبيرة في المستقبل، فأقبل على شراء كميات كبيرة من أسهم الشركة مما رفع السعر على نحو ما حدث.

وأياً ما كان الأمر فإن، الأمر يستحق الانتباه والتسجيل، لعلنا نصل إلى جواب شافي حول ما حدث بما قد يساعد المتعاملين في السوق لاتخاذ موقف محدد: وبمعنى آخر إدراك ما إذا كان السعر قد ارتفع بأكثر من اللازم وأن من الخطر اللحاق به عند هذا المستوى، أو أنه يمكن بقدر من الشجاعة ركوب الموجة وشراء أسهم كيوتيل إذا كان لها أن تواصل الارتفاع إلى مستوى مثل 300 ريال للسهم في الربع الأول من العام. ولعل تحليلات الأخ عبدالله طاهر الفنية في جريدة الشرق تشاركنا في البحث عن إجابة لمثل هذا السؤال.