عودنا سعادة الأستاذ يوسف حسين كمال وزير المالية على الإدلاء بتصريحات مفيدة كل عام عن بعض الأرقام المستهدفة في الموازنة العامة الجديدة للدولة. وهو لم يخلف عادته الحميدة هذا العام، وأدلى بتصريحات صحفية لقناة CNBC العربية، ونشرتها بعض الصحف المحلية قبل أسبوع. وقد كان من خلاصة ما قاله سعادة الوزير أن الحكومة القطرية تخطط لإنفاق ما مجموعه 55 مليار ريال في 5 سنوات على البُنية التحتية بما في ذلك الطرق والجسور والمرافق العامة والمطار الجديد.
وقال أيضاَ إن مخصصات الميزانية الجديدة ستتوزع ما بين 30% على البنى التحتية و30% للتعليم والصحة و30% للمصروفات العامة للدولة. وقال سعادته إن إيرادات الموازنة الجديدة سُتبنى على أساس 25 دولار لبرميل النفط. وأضاف أن إجمالي ديون قطر باتت تشكل ما نسبته 57% من الناتج المحلي الإجمالي. وتمثل هذه الأرقام في مجملها العمود الفقري للموازنة العامة للدولة للعام 2005/2006، واستناداً إليها يمكن أن نتصور الملامح الرئيسية لتلك الموازنة التي يبدأ العمل بها اعتباراً من مطلع أبريل القادم، ومن أهم هذه الملامح ما يلي:.
1- أن الإيرادات المتوقعة للسنة الجديدة ستكون في حدود 34- 35 مليار ريال بزيادة الثُلث عن الإيرادات المتوقعة في موازنة السنة الحالية 2004/2005 والبالغة 26.19 مليار ريال. وهذا التوقع للإيرادات الكلية مبني على أساس أن سعر برميل النفط سيكون 25 دولاراً للبرميل مع زيادة في كمية الصادرات من الغاز المسال..
2- أن النفقات العامة للدولة سوف تحقق قفزة جديدة بحيث قد تصل إلى 36.5 مليار ريال، يذهب 30% منها، أو ما يعادل 11 مليار ريال، للإنفاق على مشروعات البنية التحتية، كما قال سعادة الوزير. وذلك ينسجم أيضاً مع مقولة أن الدولة تخطط لإنفاق 55 مليار ريال على البنى التحتية في 5 سنوات. .
3- أن طبيعة التوجه الجديد للدولة نحو الخصخصة التدريجية قد بدأ يفرض أسلوباً جديداً في تقسيم النفقات بعيداً عن التقسيم التقليدي للنفقات على الرواتب والأجور والخدمات والإمدادات والمشروعات الرئيسية وغيرها، إلى تقسيم جديد يشمل ضمن أمور أخرى التعليم والصحة..
4- أن الموازنة العامة للدولة ستشتمل حسب هذا التصور على عجز تقديري يتراوح ما بين 1.5-2.5 مليار ريال أو بنسبة قد تقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ في العام 2004 نحو 103.56 مليار ريال. .
وفيما يتعلق بنسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي البالغة 57%، يبدو من غير الواضح ما إذا كانت منسوبة للناتج المحلي بتقديراته الجديدة البالغة 103.56 مليار ريال لعام 2004 (والتي كانت مفاجأة وتشكل قفزة بأكثر من المتوقع)، أم أنها منسوبة لتقديرات سابقة أقل. ويترتب على ذلك أن يكون إجمالي الدين العام 59 ملياراً حسب التصور الجديد أو أنه في حدود الخمسين مليار ريال فقط..
والملامح المشار اليها في البنود أعلاه هي محاولة من كاتب مهتم بالشأن الاقتصادي القطري لاستقراء ما سيكون عليه الحال في عام 2005. ومن الواضح لكل ذي بصيرة أن هذه الملامح تعبر عن استمرار للسياسة المالية التوسعية التي انتهجتها الحكومة في السنوات الماضية، والتي سيكون لها آثار بعيدة المدى نحو تطوير وتعزيز القاعدة الاقتصادية في البلاد، ولكن سيترتب عليها تسارع في معدل التضخم مثلما حدث في عام 2004 عندما تجاوز المعدل الـ6% في 9 شهور، وذلك ما لم تتخذ التدابير اللازمة للحد من هذه الظاهرة، وقد نعود للحديث عن هذا الموضوع في مقال قادم بإذنه تعالى. .