تنشر الصحف كل أسبوع جدولاً بالمؤشرات المالية الرئيسية للشركات المساهمة وذلك نقلاً عن موقع السوق على الإنترنت. وقد اتصل بي أكثر من قارئ ليستوضح مدلولات هذه المؤشرات ومدى إمكانية الاستفادة منها في اتخاذ القرارات المتعلقة بعمليات الشراء أو البيع . الجدير بالذكر أن الجدول المنشور على الموقع مزود بتعريفات مهمة لفهم الكيفية التي يُحسب بها كل مؤشر، إلا أن بعض الصحف لا تنشر هذه التعريفات رغم أهميتها. والجدول مكون من ثمان أعمدة اثنان منها( الأول والأخير لأسماء الشركات باللغتين العربية والإنجليزية)، ويشتمل العمود الثاني على أسعار الأسهم في السوق بتاريخ معين ، وهي تختلف من أسبوع لآخر، وباختلافها تتغير قيم المؤشرات على نحو ما سنفصل بعد قليل.
ويتضمن العمود الثاني ما يُعرف بالقيمة الدفترية للسهم، أي نصيب السهم الواحد من حقوق المساهمين-أي من رأس المال والاحتياطيات بأنواعها والأرباح المرحلة- . وتُحسب هذه القيمة بقسمة حقوق المساهمين على عدد الأسهم المكتتب بها. ولأن عدد الأسهم لا يتغير إلا عند زيادة رأس المال، ولأن حقوق المساهمين لا تتغير إلا عند تحقيق أرباح أو خسائر أو اتخاذ قرار بزيادة رأس المال أو تخفيضه، لذا فإن القيمة الدفترية لا تتغير بين يوم وآخر ولا حتى بين شهر وآخر، ولكنها تتغير مع نشر الموازنات ربع السنوية، بتغير البسط في النسبة، أي حقوق المساهمين. وكلما زادت حقوق المساهمين فإن القيمة الدفترية للسهم الواحد تزداد، وهي تنخفض إذا خسرت الشركة مثلاً . وعندما تزيد الشركة رأسمالها عن طريق توزيع أسهم منحة مجانية، فإن قيمة البسط(أي حقوق المساهمين لا تتغير حيث يزيد رأس المال وتقل الاحتياطيات أو الأرباح بنفس المقدار)، ويزداد المقام بزيادة عدد الأسهم، وتكون النتيجة أن القيمة الدفترية للسهم الواحد تنخفض.
ويتضمن العمود الثالث بيان بقيمة عائد السهم الواحد، أي نصيب السهم الواحد من صافي الأرباح المتحققة، أي صافي ربح الفترة مقسوماً على عدد الأسهم المكتتب بها. ويزداد العائد كلما زادت الأرباح، ولهذا فإن قيمة العائد لا تتغير إلا عند نشر الميزانية بنهاية الفصل أو السنة. وإذا زادت الشركة رأسمالها بين سنة وأخرى، يزداد عدد الأسهم ( أي المقام) وبالتالي يميل عائد السهم إلى الانخفاض. وتظهر هذه المشكلة عند الشركات التي توزع أسهماً مجانياً عاماً بعد آخر دون أن تكون لديها زيادة مماثلة في الأرباح المتحققة. وفي المقابل، فإن العائد على السهم يبدو مرتفعاً عند الشركات التي تحقق نمواً مطرداً في الأرباح مع استقرار عدد الأسهم، مثل الوطني وشركة كيوتيل.
والقيم الواردة في الأعمدة الثلاث الأولى هي المادة الخام التي يتم منها حساب المؤشرات المالية الواردة في الأعمدة الثلاثة الأخيرة وذلك على النحو التالي:
1- مؤشر السعر إلى العائد في العمود الرابع، وهو من أهم المؤشرات المستخدمة في أسواق الأسهم العالمية لمعرفة ما إذا كان سعر السهم مرتفعاً أم منخفضاً، وهو يقيس سعر السهم في السوق نسبة إلى عائد السهم؛ أي بقسمة العمود الأول على الثالث. وإذا كان العائد سالباً كما في حالة وجود خسائر كما في التخصصي والمواشي والطبية فإن المؤشر يكون سالباً، ويشار إلى ذلك بالحرف (س) أو (M) اختصاراً لكلمة Minus. وتزداد القيمة الموجبة للمؤشر كلما ازداد سعر السهم في السوق، وتحدث الزيادة في السعر إذا كانت هناك توقعات بزيادة أرباح الشركة. وإذا حدثت تلك الزيادة بالفعل، فإن عائد السهم(أي مقام النسبة) يرتفع ومن ثم ينخفض المؤشر. وعلى ذلك فإن ارتفاع المؤشر يكون ظاهرة صحية على قوة أداء الشركة، ولكن إذا ارتفع المؤشر كثيراً فإن ذلك يكون دلالة على أن سعر السهم مرتفع جداً ومرشح للانخفاض. ويشير الجدول المحسوب من بيانات يوم 31/3/2005 إلى أن قيمة المؤشر في ثلاث شركات كانت مرتفعة جداً وتزيد عن مائة (ورمز الجدول إلى ذلك بالحرف م أو مائة، وباللغة الإنجليزية بالحرف H أي hundred)، وهذه الشركات هي المخازن والإجارة والمتحدة للتنمية، وقد انخفضت أسعار أسهم هذه الشركات في الأسابيع الماضية وانخفضت بالتالي قيم مؤشر السعر إلى العائد. وكان المؤشر في شهر مارس لبعض الشركات الأخرى مرتفع جداً(وإن لم يتجاوز المائة) ، وذلك بسبب انخفاض العائد وارتفاع السعر لدى هذه الشركات إلى مستويات غير طبيعية مثل النقل والعقارية، وقد انخفضت أسعار أسهم هذه الشركات أيضاً في الأسابيع الماضية.
ونجد أن قيمة المؤشر في شركة كبيرة مثل كيوتيل منخفضة نسبياً وبلغت 20.93 يوم 5 مايو، والسبب في ذلك أن عائد السهم(أي المقام) لديها مرتفع جداً ويصل إلى 14 تقريباً. وارتفع المؤشر في الوطني إلى 41.4 في 31 مارس لأن عائد السهم أقل منه في كيوتيل رغم تساوي السعر في الشركتين.
ومع تراجع الأسعار لكل الشركات في شهري أبريل ومايو فإن قيم المؤشرات قد انخفضت، مما يعني أن قيمة المؤشر لشركة واحدة ليست ثابتة وإنما تتغير من فترة لأخرى، ولكنها في الشركات القوية لا ترتفع كثيراً مثلما هو الحال في كيوتيل. ومن الضروري مراقبة تطور المؤشر عبر عدة سنوات ولفترات ربع سنوية، مع مقارنة أداء الشركات المماثلة في القطاع الواحد لمعرفة ما إذا كانت قيمة المؤشر مرتفعة أم منخفضة.
ونكمل الحديث عن بقية المؤشرات في مقال آخر ولكنني أنتهز هذه الفرصة كي أشير إلى أن ما يحدث من انخفاض في أسعار الأسهم هذه الأيام هو رد فعل متوقع للارتفاع الكبير في الربع الأول. ومن المتوقع أن تصل الأسعار إلى حالة من الاستقرار قريبا وذلك قبل أن تعود إلى الارتفاع في وقت لاحق.