ارتفاع أسعار النفط وتأثيراته المحتملة على اقتصادنا

مع نهاية العام 2017، وصل سعر نفط قطر البري إلى مستوى 64.35 دولار للبرميل لمتوسط أسعار شهر ديسمبر، بزيادة 11 دولاراً وبنسبة 11.6% عن أسعار شهر ديسمبر 2016. ويشكل هذا التطور عاملاً إيجابياً لصالح الاقتصاد القطري في عام 2018، حيث إن هذا المستوى لسعر الخام يزيد بقرابة 20 دولاراً للبرميل عن السعر المعتمد في موازنة العام الحالي للدولة. ومن شأن ذلك-إذا استمرت الأسعار عند هذه المستويات- أن تحقق الموازنة العامة للدولة فائضاً مالياً، بدلاً من العجز الذي قدرته الموازنة العامة بنحو 28 مليار ريال. وقد جاء التحسن المضطرد في أسعار النفط في الشهور الثلاثة الأخيرة نتيجة عدة عوامل تضافرت معا، وصنعت هذا الموقف الإيجابي… فمن ناحية، استمرت اقتصادات الدول الصناعية في تحقيق معدلات نمو مستقرة هي الأفضل منذ سنوات الأزمة المالية العالمية في عام 2009. ومن شأن هذا النمو، أن يزيد الطلب العالمي على النفط، في الوقت الذي استمر فيه تراجع إمدادات النفط من الدول المصدرة، بعد تمديد اتفاق خفض الإنتاج خلال عام 2018. وكان من محصلة ارتفاع الطلب وانخفاض المعروض أن استمر التراجع في مخزونات النفط العالمية شهرا بعد آخر.
وسينعكس ارتفاع أسعار النفط بشكل إيجابي على الأوضاع الاقتصادية في قطر هذا العام، حيث إنه سيمكن الحكومة من تنفيذ بقية المشاريع الإنمائية المخططة لهذا العام دون تأخير. كما أنه سيزيد من مناعة الجهاز المصرفي القطري، ويعزز من استقرار سعر صرف الريال القطري في مواجهة الضغوطات الخارجية التي تمارسها دول الحصار. ومن المتوقع أن ترتفع قيمة صادرات قطر هذا العام إلى أكثر من 255 مليار ريال، مقارنة بـ 208 مليارات ريال في العام السابق 2016. وفي حين تبدو الواردات السلعية لدولة قطر مستقرة عند مستوى 115 مليار ريال-بدون تغيير عن السنوات السابقة-، فإن الميزان التجاري لدولة قطر سيحقق بذلك فائضاً هذا العام أقدره بنحو 140 مليار ريال، مقارنة بـ 92 مليار ريال في العام 2016. ورغم هذا التحسن الكبير، فإنه لا يرقى على أية حال إلى فوائض الميزان التجاري الكبيرة التي تحققت في عامي 2012 و2013، والتي بلغت على الترتيب 225.7 مليار ريال و 220.1 مليار ريال، وذلك عندما كان سعر النفط يزيد عن مائة دولار للبرميل.
ومع إضافة بنود أخرى ومنها؛ الدخل من استثمارات قطر الخارجية، (ويقابله دخل معاكس للخارج لغير القطريين العاملين في قطر ومن استثمارات الشركات الأجنبية في قطر)، وبأخذ التحويلات مقابل خدمات السفر والنقل وغيرها، وطرحها أو إضافتها إلى فائض الميزان التجاري، ينتج لدينا ما يُعرف بفائض الحساب الجاري لدولة قطر، الذي يلخص في رقم واحد خلاصة تعاملات قطر مع العالم الخارجي. وعلى ضوء المتاح من البيانات لفترة الشهور التسعة الأولى من العام، فإن صافي الحساب الجاري للعام 2017 سيكون فائضا بنحو30 مليار ريال، مقارنة بعجز قيمته 30.3 مليار ريال للعام 2016. الجدير بالذكر أن الحساب الجاري لدولة قطر كان في حالة عجز لسنة واحدة فقط هي عام 2016 –بسبب الانخفاض الحاد الذي طرأ على أسعار النفط في تلك السنة- مقابل فوائض مالية كبيرة في السنوات الأربع السابقة 2012-2015 بلغت  في مجموعها عن 675 مليار ريال.
ولا يتوقف التأثير الإيجابي لارتفاع سعر النفط على وضع المالية العامة والحساب الجاري لدولة قطر، وإنما سيكون له تأثير ملحوظ على نتائج الشركات المدرجة في البورصة بوجه عام وعلى شركات الصناعة البتروكيماوية بوجه خاص مثل صناعات ومسيعيد. وكانت تلك الشركات قد عانت من نتائج انخفاض أسعار النفط على أسعار منتجاتها، وعلى نتائجها المتحققة في عامي 2016 و 2017. وسيبدأ ظهور هذه الآثار على نتائج الربع الرابع للعام 2017، التي سيتم الإفصاح عنها اعتباراً من الأسبوع القادم، وكذا نتائج الربع الأول من العام  التي يبدأ ظهورها من منتصف أبريل2018. ومن شأن هذه التوقعات الإيجابية للنتائج أن تنعكس بشكل إيجابي على أسعار أسهم الشركات المدرجة التي لا زالت منخفضة جداً مقارنة بما كانت عليها في النصف الأول من العام 2017.