هل نحن على أبواب زيادة جديدة في الأسعار؟
هل نحن على أبواب زيادة جديدة في الأسعار بوجه عام وأسعار الأصول بوجه خاص؟ قد يبدو طرح هذا السؤال غريباً بعض الشيئ في هذه الفترة من السنة التي تشهد في العادة حدوث استقرار في الأسعار أو حتى حدوث تراجع فيها بدرجة أو بأخرى، ومع ذلك يظل للسؤال مبرراته التي تطرح نفسها بشدة على ضوء عدد من المعطيات المحلية والعالمية. فمن حيث العالمية، نجد أن سعر برميل النفط قد ارتفع إلى مستويات قياسية جديدة هذا الأسبوع ووصل إلى مستوى53 دولار لسعر سلة خامات الأوبك ونحو 59 دولاراً لبرميل نفط غرب تكساس. وعلى الرغم من أن دول الأوبك قد قررت زيادة إنتاجها بواقع نصف مليون ب/ي اعتباراً من الشهر القادم، إلا أن تحليلات الخبراء تشير إلى أن السعر يتجه بقوة نحو إلـ70 دولاراً لبرميل غرب تكساس وإلى أكثر من 60 دولار لنفط الأوبك. والسبب في هذا الارتفاع أن المشكلة تكمن في جانب الطلب على النفط وليس في جانب المعروض منه. فالطلب على النفط الخام حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية سيتجاوز إلـ 86 مليون ب/ي في الربع الأخير من العام الحالي، وبالتالي حتى لو انتجت الأوبك بكامل طاقاتها المتاحة فإنها لن تفي بالاحتياجات المتزايدة، كما أن جزءً كبيراً من النفط المنتج غير مناسب للتكرير في المصافي الأمريكية التي تشترط مواصفات عالية الجودة في النفوط التي تكررها. من هنا أعيد ما سبق أن ذكرته في مايو من العام الماضي عندما قلت إننا على أبواب صدمة جديدة في أسعار النفط. وقد ارتفع سعر برميل النفط يومها من نحو 36 دولاراً للبرميل إلى 55 دولاراً في غضون أشهر قليلة. ونحن اليوم نتوقع حدوث قفزة ثانية إلى 70 دولاراً للبرميل، لتكتمل الصدمة بتضاعف السعر في سنة واحدة أو أكثر قليلاً.
وإذا كانت أسعار الأصول في قطر قد استجابت لارتفاع الأسعار في السنة الماضية، فشهدنا قفزات متتالية في أسعار العقارات، ثم أعقب ذلك ارتفاع أسعار الأسهم إلى مستويات قياسية، فهل يحدث شيئ مماثل خلال الشهور القادمة حتى نهاية العام الحالي والربع الأول من العام القادم على أبعد تقدير؟ إن من المسلم به أن ارتفاع أسعار النفط عالمياً سيكون له تأثيرات مباشرة وأخرى غير مباشرة على الأسعار المحلية في دولة قطر. فمن ناحية سيؤدي انفجار أسعار النفط إلى حدوث زيادات في أسعار السلع المستوردة وهو ما سيخلق بدوره سلسلة من الزيادات في أسعار السلع والخدمات عن طريق مضاعف السعر. ومن جهة أخرى سيؤدي الارتفاع إلى زيادة في الإيرادات الحكومية ومن ثم حدوث تسارع في وتيرة التطوير والتحديث وما ينشأ عن ذلك من زيادة في الإنفاق العام، وبالتالي زيادة في حجم السيولة المحلية.
المعروف أن السيولة المحلية قد نمت في العامين الأخيرين بقوة، وهي مرشحة هذا العام لتسجيل زيادات كبيرة على ضوء الاعتبارات المشار إليها من ناحية، وبسبب الانفتاح المتزايد للاقتصاد القطري على العالم من ناحية أخرى. وإذا كان الثالث من أبريل من هذا العام قد شهد البداية الرسمية لدخول غير القطريين لسوق الدوحة للأوراق المالية، فإنني أزعم أن نتائج هذا التحول الهام لم تظهر في حينه بسبب ما كانت عليه أسعار الأسهم من ارتفاعات كبيرة. وأتوقع في المقابل أن تكون الأسابيع الماضية قد شهدت تدفقاً فعلياً للاستثمارات الأجنبية بعد أن هبطت أسعار الأسهم إلى مستويات معقولة في شهري أبريل ومايو. وأعتقد أن تدفق الاستثمارات سيستمر في الأسابيع والشهور القادمة، وسيكون لدينا بذلك أكثر من رافد من الروافد التي تصب جميعها في وعاء السيولة المحلية؛ ارتفاع أسعار النفط وتأثيره على الإنفاق الحكومي من ناحية، وانفتاح البورصة القطرية أمام غير القطريين من ناحية أخرى.
ويضاف إلى ذلك أن وزارة الاقتصاد والتجارة تبذل جهوداً حثيثة لجذب الرساميل الأجنبية إلى دولة قطر عن طريق العمل على تحرير التجارة مع العالم. ومن المتوقع أن تسفر هذه الجهود عن تحولات ملموسة في نمط الحياة الاقتصادية والتجارية في قطر في غضون سنة واحدة، وأن يسهم ذلك في خلق روافد إضافية إلى السيولة المحلية.
فهل نحن كمستهلكين، مستعدون لحدوث زيادة جديدة في الأسعار خلال الشهور القادمة؟ وهل نحن كمستثمرين قد تنبهنا إلى ما يمكن أن يطرأ على أسعار الأصول الحقيقية من زيادات وخاصة في مجالي العقارات والأسهم.
إن هذا التحليل يقودنا إلى أهمية بناء محافظ استثمارية في الأصول الحقيقية وخاصة الأسهم المحلية وعدم التردد في ذلك بحجة أننا لا زلنا في الصيف، وانصح الجميع بتكثيف استثماراتهم وعدم انفاق اموالهم في أمور استهلاكية لأننا على أبواب تحول مهم في الأوضاع الاقتصادية، وللحديث بقية في هذا الموضوع تفصيلاً إن شاء الله.