دعوة لتكاتف الجهود من أجل إصلاح الخلل

تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن غرام المتعاملين في أسواق الأسهم الخليجية بتجاوز الخطوط الحمراء ، وأنه سواء كان ذلك بدافع الخوف من حدوث المزيد من التراجع في الأسعار، أو تحت ضغط الحاجة لتسييل الأسهم وفاءً لالتزامات ملحة أو قروض آن أوان دفعها، فإن المحصلة النهائية هي في استمرار عمليات البيع وبالتالي تواصل مسلسل التراجع المؤلم على نحو غير متوقع وغير مقبول. وإذا كان التراجع في الأسعار عند بداية العام قد بدا مبرراً لبعض المحللين والمسؤولين الذين رأوا فيه تصحيحاً لا بد منه لأوضاع مغلوطة في السوق، فإن انضباط المؤشرات الرئيسية وفي مقدمتها مؤشر السعر إلى العائد ضمن المستويات المعتادة أو المقبولة، قد أوجد معطيات جديدة في الآونة الأخيرة تستحق الوقوف عندها وقراءتها بعناية. وقد أشرت في المقال الأول- الذي عُدت به إلى الكتابة بعد انقطاع ستة شهور- إلى أن مؤشر السعر إلى العائد لكثير من الشركات قد انخفض بشدة نتيجة تراجع الأسعار بحيث وصل مؤشر سعر سهم صناعات على سبيل المثال هذا اليوم إلى 11 مرة (أي أن سعر السهم يعادل 11 ضعف عائد السهم) وفي شركة مثل البنك التجاري إلى 13 مرة وفي سهم الدولي الإسلامي إلى 10 مرات. ومن المفترض أن وصولنا إلى هذه المستويات كفيل ببث روح الطمأنينة لدى المتعاملين فيدفعهم ذلك إلى التوقف عن البيع، بل ويدفع آخرين ممن تركوا السوق مبكراً إلى العودة إليه ثانية، فتختفي العروض الكبيرة للبيع ويشتد الطلب ويكون ذلك بداية لاستقرار الأسعار وتحسنها.

على أن حدوث مثل هذا الأمر يحتاج إلى حدوث نوع من الصدمة التي تعمل على إيقاظ المتعاملين من حالة الذهول التي وجدوا أنفسهم مشدودين إليها، ومثل هذه الصدمة تتأتى من جهد مشترك يجمع بين التدخل المباشر عبر الصناديق التي تأسست لدعم السوق، وبين إجراءات تنظيمية يكون من شأنها إحداث أثر دوي كبير يسمعه القاصي والداني. فإذا كنا متفقين على أن استمرار تراجع الأسعار دون ما وصلت إليه فيه خسارة فادحة لجميع أفراد ومؤسسات المجتمع التي لديها استثمارات في السوق، فإن تلافي استمرار مثل هذه الخسائر يستحق اتخاذ قرارت تنظيمية هامة، ولعل من بين ما نقترحه اليوم ما يلي:

1-إصدار قرار بعدم طرح اكتتابات جديدة في السوق الأولي في عام 2007، أو-على الأقل- تعديل القوانين المعمول بها حالياً بحيث لا تُطرح أسهم الشركات الجديدة في السوق الثانوي- أي سوق الأسهم- إلا بعد مرور عامين من بدء نشاطها الرسمي، حتى لو كانت الحكومة شريكاً فيها.

2- التأكيد على ما اقترحته سابقاً من أهمية عدم السماح للشركات بزيادة رؤوس أموالها بالاكتتاب أو من خلال طرح أسهم مجانية لمدة عامين على الأقل، وأن يكون تجاوز مثل هذا الأمر مرهوناً بضوابط محددة وحازمة حتى يطمئن جمهور المتعاملين.

3- أن تقوم وزارة الاقتصاد والتجارة بحث الشركات التي انخفضت أسعار أسهمها بشدة على شراء جزء من أسهمها من السوق، أي أن يتم تفعيل القرار الحكومي الذي تم اتخاذه في مايو الماضي. الجدير بالذكر أن شركة مخازن قد أعلنت هذا الأسبوع أنها بصدد عمل شيء من هذا القبيل، وهذه مبادرة جيدة.

4- حث الشركات المساهمة على زيادة توزيعاتها النقدية بما يتناسب مع أرباحها المتحققة، وأن تعمل الشركات على تحديد مواعيد مبكرة لعقد جمعياتها العمومية في الربع الأول من العام القادم بما ينبه المتعاملين إلى أن موسم جني الأرباح قد بات على الأبواب.

5- التأكيد على أهمية صدور تحليلات علمية لأوضاع كل شركة –سواء في ذلك التحليلات الأساسية أو الفنية- لكي يقف المتعاملون على حقيقة أوضاع الشركات التي يمتلكون أسهمها، وبما يمكنهم من تقييم أسعار اسهم هذه الشركات بواقعية، ومعرفة ما ينتظر هذه الأسهم من تغيرات في المستقبل المنظور.

هذه المقترحات وغيرها يمكن أن تساهم في وقف التدهور المستمر في الأسعار إذا ما أُخذت بجدية. ورغم ما يُقال بأن معظم الناس قد هجروا السوق إلى غير رجعة، فإن مجرد الإحساس بوجود جهود مبذولة لإصلاح الأوضاع كفيل ببث الأمل في نفوس المترددين بما يدفعهم للعودة للسوق ثانية.

وهذا رأيي أحسبه صواب وهو يحتمل الخطأ،