هل وصلت الكرة المتدحرجة إلى القاع؟

بات من المعلوم الآن أن كرة الجليد قد تدحرجت في سوق الأسهم خلال الشهور الستة الماضية وأن مؤشر السوق قد بات قاب قوسين أو أدنى من مستواه الذي كان عليه مع بداية عام 2005، أي أنه قد خسر كل ما حققه في عام الطفرة عندما ارتفع المؤشر إلى قرابة 13 ألف نقطة في سبتمبر من عام 2005. وقد كان هذا الانهيار نتيجة طبيعية لعدم تماسك الأسعار عندما انخفض المؤشر إلى 9000 نقطة، فقد فضل الكثيرون الانسحاب من السوق لأسباب مختلفة تراوحت ما بين الهروب إلى استثمارات أخرى في مقدمتها العقارات، أو لتسديد مديونيات حان أوان سدادها ولا يزيدها التأجيل إلا خسائر إضافية، أو للحفاظ على ما تبقى من المدخرات في ظل ظروف معيشية زادها ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية تأزما. وفي مثل هذه الظروف عملت الجهود الحكومية على تخفيف حدة تراجع الأسعار فقط، ومن ذلك ما أُعلن عن تعديل قانون الشركات للسماح لها بشراء نسبة من أسهمها، أو الإعلان عن قيام محافظ استثمارية بمليارات الريالات لتوظيفها في دعم الأسعار في السوق.

وقد صمد في السوق حتى الآن أولئك الذين عز عليهم البيع بخسارة مع القدرة على الصبر واعتقادهم بإمكانية عودة الأمور إلى ما كانت عليه ولو بعد حين. ويضاف إلى هؤلاء فئة من المستثمرين بدأت تعود إلى السوق لإدراكها أننا قد وصلنا إلى مستويات سعرية متدنية في كثير من أسهم الشركات، وأن الشراء الآن لا يشكل خطراً حتى لو انخفضت الأسعار إلى ما هو أسوأ من الوضع الراهن.

والحقيقة أن مؤشر السعر إلى العائد في معظم الشركات قد أصبح ضمن المستويات المقبولة والمعقولة، وشتان ما بين الأمس القريب عندما كان السعر يصل إلى 35 مرة قدر عائد السهم الواحد في شركة مثل المصرف الإسلامي، وبين هبوطه اليوم إلى 17 مرة فقط. وبالمثل فإن نفس المؤشر قد انخفض في حالة سهم شركة صناعات إلى 11 مرة بعد أن كان في حدود 19 مرة أو أكثر في بداية مارس الماضي. وانخفض المؤشر في قطر للوقود إلى 9 مقارنة بـ 15 في نفس الفترة المشار إليها، ولا يختلف الوضع مع بقية أسهم الشركات الأخرى، مع استثناءات محدودة جداً.

وهذا التحسن الكبير في مستوى مؤشر السعر إلى العائد لجهة انخفاضه إلى مستويات مقبوله، هو الذي سيعيد المستثمرين إلى سوق الأسهم ثانية مثلما كان ارتفاعه إلى مستويات مبالغ فيها سبباً في هروبهم من السوق منذ الربع الأخير من العام الماضي. ولكن هذا الانخفاض في مؤشر السعر إلى العائد لن يكون كافياً بمفرده في عكس الاتجاه النـزولي لأسعار الأسهم، وإنما سيقتصر دوره في الأجل القصير على إبطاء تراجع الأسعار. ولا بد من اتخاذ قرارات أخرى لإعادة الثقة المفقودة في السوق بين شريحة واسعة من المتعاملين، ومن هذه القرارات ما يلي:

1-ضرورة إصدار قرار من الجهات المعنية بأن يكون توزيع الأرباح على المساهمين هذا العام في صورة نقدية وليس أسهماً مجانية أو أجزاء منها لأن هذه الأخيرة من العوامل التي ساهمت في تراجع الأسعار. ويلاحظ أن ريع السهم النقدي لدى كل الشركات قد أصبح منخفضا جداً ويصل إلى الصفر في بعضها ويقل بالتالي كثيراً عن عائد الوديعة المصرفية الذي يصل حالياً إلى ما بين 5-6%. ولو نظرنا إلى العائد النقدي الموزع على بعض أسهم الشركات سنجده على النحو التالي: صناعات 4.42%، الكهرباء والماء 3.71%، السلام 4.82%، كيوتيل 3.55%، وفي أسهم قطاع البنوك 1.27% في المتوسط ( وفي بعضها كبنك الدوحة والدولي صفر)، وفي شركات التأمين 2.56% . هذا العائد الضعيف نسبياً يستلزم النظر في تعزيزه وزيادته بالامتناع عن توزيع الأسهم المجانية، وعندها سيشكل عنصر جذب للاستثمار في سوق السهم.

2- أن تكون هناك شفافية أكبر في نشر نتائج أعمال المحافظ والصناديق، بحيث يتم الإعلان عن حجم مشترياتها من الأسهم في السوق المحلي. الجدير بالذكر أن ضعف حجم التداول في السوق خلال الشهور الماضية قد وضع علامات استفهام حول مدى جدية ما تم إنشاؤه من محافظ استثمارية لدعم السوق.

هذه الإجراءات تبدو ضرورية لتعزيز استقرار الأسعار في سوق الدوحة وإعادة الثقة المفقودة، فتعود الأسعار إلى الارتفاع من جديد، ارتفاعاً حقيقياً لا يستند إلى صفقات المضاربة القصيرة الأجل التي ترفع الأسعار ليوم أو يومين فقط. وليس من الضروري أن يكون الارتفاع المنشود كبيراً، ولكنه ارتفاع منطقي يحمل الأمل للقابضين على أسهمهم بان هناك فرج ولو بعد حين.

وبعد فهذا رأيي وهو في تقديري أنه صواب يحتمل الخطأ، والله من وراء القصد.