لا بد من التسليم بأن فترة التقوي التي توقعت حدوثها في سوق الأسهم في تقرير شهر يونيو الماضي قد طالت بأكثر من اللازم، وأن مستوى المقاومة عند مستوى 7900-8000 نقطة للمؤشر قد أثبت أنه أقوى مما كنا نقدر. وقد يكون وراء هذا وذاك عوامل معروفة وظاهرة مثل إدراج أسهم البنك الخليجي وما استحوذ عليه لجانب مهم من حجم التعاملات في السوق، أو بسبب موسم السفر والسياحة خارج البلاد الذي تشير كل الدلائل إلى أنه كان قوياً جداً على عكس العامين السابقين. وهذه الظاهرة الأخيرة ربما حدثت كنتيجة لما حدث في عام 2007 من زيادة كبيرة في المداخيل، سواء بزيادة مستويات الرواتب أو بارتفاع مداخيل أصحاب العقارات إلى مستويات قياسية.
وقد يكون وراء ما حدث للسوق عوامل أخرى غير ظاهرة ولكنها ملموسة وهي أن سوق العقار والأراضي بوجه خاص كانت لا تزال تستقطب اهتمامات المستثمرين كوسيلة سريعة للربح. وتشير أرقام مصرف قطر المركزي بهذا الخصوص إلى أن حجم التسهيلات الائتمانية المقدمة من البنوك للأراضي قد زادت بنسبة 70% في النصف الأول من العام 2007 حيث زادت من 10 مليار ريال مع نهاية 2006 إلى نحو 17 مليار ريال مع نهاية يونيو 2007. ومعنى ذلك؛ أن اهتمام المستثمرين قد تركز في صيف هذا العام على مجالات تقليدية أخرى مما أفقد سوق الأسهم الاندفاعة التي كانت متوقعة في وقت ما بين شهري يوليو وأغسطس.
ولقد فشلت محاولة الارتفاع الأولى في الوصول إلى مستوى 8000 نقطة بعد أن حدثت عمليات جني أرباح ، استفاد منها بعض المضاربين من ارتفاع الأسعار الذي حدث في الأسبوع الأول من يوليو والذي وصل بالمؤشر إلى ما دون الثمانية آلاف نقطة بقليل. وكانت تلك الموجة قد حدثت على ضوء ما تم الإعلان عنه في تلك الفترة من أرباح كبيرة لكثير من الشركات في النصف الأول من العام. وقد أدت عمليات جني الأرباح المشار إليها بالإضافة إلى العوامل الأخرى المذكورة أعلاه إلى تراجع المؤشر والأسعار على مدى شهر ونصف تقريباً بلغت ذروتها في التاسع عشر من أغسطس عندما هبط المؤشر إلى مستوى 7340 نقطة.
إلا إنه قد حدث في الأيام التالية أن طرأ تحسن تدريجي على المؤشر وعلى بعض أسعار الأسهم، بما يمكن تفسيره بعودة المستثمرين إلى البلاد بعد اقتراب نهاية العطلة الصيفية من ناحية، واقتراب نهاية الربع الثالث من العام وما سيعقب ذلك من إعلانات منتظرة عن النتائج المالية، ناهيك عن اقتراب نهاية العام ومع يحمله ذلك من توزيعات محتملة للأرباح لكثير من الشركات. من هنا شهد المؤشر وأسعار كثير من أسهم الشركات ارتفاعا محدوداً ولكنه تراكمي، أعاد المؤشر ثانية في الأسبوع الثاني من سبتمبر قريباً من مستوى المقاومة المستهدف وهو 8000 نقطة. ورغم أن التداول في شهر رمضان المبارك قد يتسم بالضعف المبرر، إلا أن العوامل الأخرى قد تحافظ على زخم الارتفاع التراكمي في الأسبوعين القادمين بحيث يتمكن المؤشر من تجاوز الثمانية آلاف نقطة. وقد يضاف إلى تلك العوامل اعتبارات أخرى مهمة؛ منها ما يتعلق بالهزة التي أصابت الاستثمارات في الخارج وخاصة في الولايات المتحدة على ضوء أزمة الرهونات العقارية. وقد تؤدي تلك التطورات إلى عودة جانب من الاستثمارات الوطنية إلى الداخل خوفاً من خسائر قد تصيبها من ناحية، ولأن الاستقرار الذي أصابته أسعار الأسهم المحلية على مدى عدة شهور يُظهر أنها أصبحت أكثر جاذبية عند مستوياتها الراهنة، وهو ما يتضح على وجه الخصوص عند مراجعة المؤشرات المالية للأسهم. فمؤشر السعر إلى العائد لكل السوق لا يزال عند مستوى 14.90 مرة حسب بيانات يوم 13/9، وهو لقطاع البنوك عند مستوى 16.82 مرة، وللتأمين 12.16 مرة، والصناعة 14.26 مرة، والخدمات 13.83 مرة. وينخفض المؤشر بالنسبة لبعض أسهم الشركات إلى مستويات أقل من ذلك بكثير فهو 8.11 مرة في الوقود، و 8.29 مرة للنقل و 9.23 مرة في السلام، وما بين 10- 11مرة في بعض شركات التأمين .
ومن جهة أخرى قد يكون من المؤمل حدوث نوع من الاستقرار في أسعار العقارات في الفترة القادمة بعد وصولها إلى مستويات قياسية، وذلك قد يتأتى من تخوف المضاربين من الإفراط في عمليات الشراء عند هذه المستويات المرتفعة من ناحية، أو من اتخاذ الحكومة لإجراءات لضبط الموضوع في إطار مساعيها الهادفة إلى ضبط معدل التضخم. وإذا تحقق شيء من هذا القبيل فإنه سيسهم في إعطاء سوق الأسهم دفعة إضافية.
والخلاصة أن مرحلة التقوي أوشكت على الانتهاء، وقد يحدث الارتفاع المنتظر في أسعار أسهم الشركات في أي وقت. ويعول على الشركات القيادية أن تقود حركة السوق لهذا الارتفاع وخاصة شركات البنوك والتأمين وصناعات والإسمنت ووقود والملاحة والسلام وغيرها. ويظل ذلك في الختام خلاصة ما أراه في الوقت الراهن، وهو كأي رأي قابل للصواب والخطأ، كما إنه قابل للتغيير إذا ما استجدت في الأمور أمور.