انعقاد قمة الثلثين .. الآمال والطوحات

انعقاد قمة الثلثين .. الآمال والطوحات



أن تنعقد القمة العربية ولو بنصاب الثلثين أفضل في تقديري من عدم انعقادها، وأن ‏تنعقد بالزعماء المتحمسين للحضور أفضل ألف مرة من انعقادها باجتماع يضم ‏المتحمسين مع المعارضين معاً. فتاريخ انعقاد القمم بعد عبد الناصر لا يترك مجالاً ‏للتفاؤل لدى المواطن العربي، ورغم هذا التاريخ المُحْبِط للآمال على مدى أربعين عاماً، ‏فإنه لا يملك إلا أن يبتهج لانعقاد قمة استثنائية بنصاب الثُلثين في قطر يوم الجمعة لعلها ‏في حدها الأدنى تُعطي جرعة من الثقة والتفاؤل للصامدين على خط النار في غزة، في ‏مواجهةٍ هي الأشرس والأعنف في تاريخ القضية الفلسطينية بين صاحب الأرض ‏الفلسطيني الأصيل، وسارقها ومغتصبها الصهيوني الدخيل. ‏

ولا نحسب بعد كل هذا الجهد والعناء في الدعوة لعقد القمة والتحضير لها أن يسمح ‏المتحمسون لعقدها في الدوحة بأن تنعقد وتنفض دون تحقيق نتائج تاريخية تتناسب مع ‏خطورة الموقف وتبعاته الجسام. ولنا في دولة قطر الراعية للمؤتمر والداعية له، وفي ‏أميرها القائد الفذ الشجاع الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمل كبير في الخروج على ‏الأمة بإنجاز لا يقل في وزنه وأهميته عن اتفاق المصالحة الذي دشنته الدوحة بين ‏اللبنانيين، فهل لهذا التفاؤل من مبرر؟ وما هي الإنجازات التي يمكن لقمة الثلثين أن ‏تخرج بها في وقت تغيب فيه مصر الذي بيدها مفتاح معبر رفح عن القمة؟‏

لو استعرضنا قائمة الدول التي ستحضر اجتماع القمة سنجد أن من بينها فريق من ‏المعارضين الذين اضطرتهم الظروف للحضور ولسان حالهم يقول مُكره أخاك لا بطل، ‏وفي مقدمة هؤلاء رئيس السلطة الفلسطينية (المنتهية ولايته)، فالمعروف أن مستشاريه ‏كانوا أول من عارض انعقاد القمة في قطر، وأحسب أن مشاركة السلطة –على ‏خلاف ما هو متوقع منها- كان تخوفاً من أن يملأ مقعد فلسطين في الإجتماع قادة ‏آخرون هم أجدر وأحق بالحضور للقمة. ثم أن المشاركة قد يكون لها فوائد في إفشال ‏خروج المؤتمر بنتائج هامة، وفي أضعف الأحوال، يعمل هذا الفريق على تسجيل أحقيته ‏في استلام أي تبرعات يتم إقرارها لإعمار غزة حتى، لا تذهب إلى جهات أخرى.‏

وانطلاقاً من هذا الفهم لما يجري في الساحة، فإن قمة الدوحة يمكن أن تقوم بعدد من ‏الخطوات والإجراءات التي لا تسجل دعماً لصمود أهل غزة فقط وإنما تخلق واقعاً ‏جديداً على الأرض. ومن بين هذه الخطوات التي يتطلع لها الشعب الفلسطيني خاصة ‏والعربي والإسلامي عامة ما يلي:‏

‏1-‏ المطالبة بوقف فوري وعاجل للعدوان الإسرائيلي على غزة وانسحاب ‏القوات المعتدية إلى ما وراء الحدود، وفتح جميع المعابر مع غزة وفي مقدمتها ‏معبر رفح.‏

‏2-‏ ‏ في حال عدم إلتزام إسرائيل بذلك قبل قمة الكويت يقرر المجتمعون إلغاء ‏موافقة دولهم على المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، وتنسحب سوريا ‏نهائياً من مباحثاتها غير المباشرة المعلقة مع إسرائيل، وتجمد دول اخرى ‏علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان الغاصب أياً كانت درجة هذه العلاقة.‏

‏3-‏ في حالة استمرار العدوان على غزة تقرر الدول المجتمعة سحب اعترافها بما ‏تبقى من منظمة التحرير الفلسطينية ، وتطلب من الفصائل تشكيل منظمة ‏جديدة تحظى باعتراف دول الثُلثين، وتطلب من الدول الإسلامية والصديقة ‏الأخرى الاعتراف بها.‏

‏4-‏ تصدر عن القمة طلبات للهيئات الدولية المعنية، لحماية المدنيين في غزة ‏وتأمين الغذاء والدواء لهم، ويتم إقرار إجراءات أخرى للمطالبة بمحاسبة ‏ومعاقبة إسرائيل على جرائمها ضد البشرية والإنسانية في غزة.‏

ولأن الهجوم هو خير وسيلة للدفاع، فإن خروج قمة الدوحة بمثل هذه القرارات ‏الجريئة سوف يفاجئ إسرائيل، ويجعلها تعيد حساباتها، كما أنها ستضغط على ‏الدول العربية المعارضة وتجعلها تخفف من تعنتها في الضغط على المقاومة الفلسطينية ‏وإضعافها. ‏