متابعات اقتصادية
بقلم بشير يوسف الكحلوت/مستشار اقتصادي
انطلاقاً من مقولة أن السوق المالي هو مرآة لصحة الاقتصاد، ولأن أداء الاقتصاد القطري في الوقت الراهن هو الأعلى في العالم، لذا فإن السوق المالي يجب أن ينتعش وترتفع أسعار الأسهم، كيف ولا وأسعار الأسهم في الدول الأخرى التي تعاني من الركود أو بطء الأداء ترتفع بعد أن وصلت إلى القاع في الربع الأول من العام. ولا يتأتى الارتفاع في مؤشر سوق الدوحة من فراغ بل هو نتيجة حتمية لوجود طلب مرتفع تسنده سيولة عالية تدفقت إلى البلاد في ظل ارتفاع معدلات الفائدة على سعر فائدة المصرف. وقد بات من الواضح أن مؤشر السوق يسعى إلى اختراق حاجز 7000 نقطة التي فشل في تجاوزها قبيل نهاية عام 2008، وأن محاولة الاختراق الحالية التي بدأت انطلاقتها منذ الأسبوع الأول من مايو قد فقدت زخم اندفاعها القوي عندما وصل المؤشر إلى 6750 نقطة. ولكن المحاولة لم تنته وعاد المؤشر ليرتفع ثانية واقترب في هدوء من الحاجز، وفي الظن أنه سيواصل اقترابه بنفس الطريقة إلى ما بين 6900 إلى 6950 نقطة قبل أن يندفع بعدها إلى 7150 نقطة.
وإذا ما فشل المؤشر في اختراق الحاجز، فإنه سينخفض ثانية إلى 6500 نقطة، ليعود بعدها إلى الارتفاع في محاولة ثالثة يكلل لها النجاح غالباً. والذي يدفعني إلى القول بذلك أن أسعار الأسهم قد شهدت عمليات تجميع لكثير من الشركات على مدى الشهرين الماضيين، وكانت أسعار الأسهم تشهد انتقالاً من مستوى إلى آخر أعلى منه بمعدل مرة كل أسبوعين، وأحياناً كل أسبوع. وقد لا يكون المنطق حاضراً في كل ما شهدناه من ارتفاعات في أسعار الأسهم في الفترة الماضية، فقد كان هناك إقبال على شراء سهم بروة يوم الخميس الماضي مما رفع السعر أثناء التداول إلى قرابة 9.5% وإلى 37 ريالاً للسهم، قبل أن ينخفض عند الإقفال إلى 36.5 ريال. وإذا ما راجعنا مؤشرات السهم سنجد أن عائد السهم لا يزيد عن 65 درهماً وأن مؤشر السعر للعائد مرتفع جداً ويصل إلى 56 مرة، فهل كانت هناك أخبار أو توقعات باحتمال تحققق أرباح كبيرة للشركة في الربع الثاني من العام بررت هذا الارتفاع الكبير في السعر والتي بلغت نحو 65% في شهرين، أم أنه الطلب الكبير المدفوع بسيولة عالية مع ثقة كبيرة في الشركة المدعومة حكومياً هو الذي دفع بالسعر إلى هذا المستوى؟
بالمقارنة فإن سعر سهم العقارية وهي شركة شقيقة لبروة من حيث طبيعة النشاط والعلاقة بالقطاع الحكومي، لم يشهد ارتفاعاً مماثلاً لما حدث لسعر سهم بروة رغم أن معطيات السهم أفضل منها في حالة بروة، فعائد السهم يزيد عن ثلاثة ريالات وريع السهم الواحد أكبر منه في حالة بروة، ومؤشر السعر إلى العائد في حدود 9.18 مرة، فهل يشهد سعر هذا السهم ارتفاعاً ليلحق بسعر سهم بروة، أم يتوقف سعر سهم بروة عن الارتفاع؟
في قطاع المصارف نجد أن بعض أسعار أسهم البنوك فد حققت ارتفاعات كبيرة أيضاً في الفترة الأخيرة ومن ذلك سعر سهم الخليجي الذي استفاد في الغالب من الثقة في شخص رئيس مجلس الإدارة الجديد، وفي أنشطة البنك التي تم الإعلان عنها مؤخراً، ولكن مؤشرات السهم المنشورة على موقع سوق الدوحة قد لا تبرر ارتفاعات جديدة في سعره قبل صدور بيانات الربع الثاني. ومع ذلك فكل شيء جائز انطلاقاً من أن السعر يتحدد في النهاية انطلاقاً من تفاعلات العرض والطلب على سعر السهم، وقد تضغط عمليات المضاربة على سعر سهم وترفعه، ولكن إذا لم يكن هناك ارتفاعات في مستويات أسعار أسهم الشركات الأخرى فإن عمليات البيع لجني الأرباح قد تعيد سعر سهم الشركة المرتفع إلى الانخفاض.
وفي قطاع الصناعة ارتفع سعر سهم صناعات التي استفادت من الدعم الحكومي لها ومن ارتفاع أسعار النفط فوق 60 دولاراً للبرميل، مع التسليم بأن مؤشراتها المالية جيدة، وفي المقابل لم يرتفع سعر سهم التحويلية، رغم أن مؤشرات الشركة جيدة فعائدها مرتفع، ومن ثم السعر إلى العائد في حدود 5.87 مرة فقط، وريع السهم النقدي مرتفع.
الخلاصة أن هناك عمليات تجميع على أسعار الأسهم في سوق الدوحة تعمل باتجاه دفع المؤشر ليتجاوز مستوى 7000 نقطة، ومبررات هذا التجميع متعددة ومتنوعة ومنها سلامة الوضع الاقتصادي، والسيولة الزائدة الناتجة عن تدفق أموال من الخارج، والانخفاض النسبي لأسعار معظم الأسهم في سوق الدوحة إذا ما قورنت بمؤشراتها المالية. وإذا ما أضفنا إلى ذلك رغبة بعض المحافظ في تحقيق نتائج جيدة على استثماراتها في الربع الثاني الذي ينتهي بعد خمسة أسابيع من الآن، كل ذلك يدفع المؤشر والأسعار باتجاه الارتفاع في الأسابيع القادمة. وسيكون الأسبوع الأخير من شهر مايو مهم جداً في تحديد مستويات الأسعار في الشهور التالية، فإذا ما أمكنن المؤشر تجاوز إل 7000 نقطة قبل نهاية الشهر، فإن ذلك يضع السوق عند مستويات جديدة للتعامل في يونيو. الجدير بالذكر أن مؤشر السوق كان عند مستوى 7000 نقطة تقريباً مع نهاية عام 2008 ولكي يعكس مؤشر السوق حالة جيدة للاقتصاد في عام 2009، فإنه يجب أن يتجاوز في الشهور المتبقية من العام هذه المستوى ب 10% على الأقل ليصل إلى 7700 نقطة.
وبعد فإن هذا رأيي الشخصي، وهو صواب في نظري ولكنه قد يحتمل الخطأ، وعلى كل قارئ أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار عند اتخاذ قراراته بالشراء أو البيع، ولا ننسى أن الأسعار تتأثر بما قد يستجد من تطورات مستقبلية لا زالت في علم الغيب