كان ارتفاع السوق في الأسبوع الماضي نتيجة منطقية بعد عدة أسابيع من التراجع خسر فيها المؤشر نحو 1500 نقطة. وقد أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أن سبب الانخفاض في يونيو كان محصلة لقيام الإجانب –وخاصة المؤسسات- بالبيع الصافي طيلة تلك الفترة، وأن تبدل الأحوال سوف يؤدي إلى ارتفاع جديد في المؤشر والأسعار وهو ما حدث بالفعل. وقد أدى الإعلان عن أرباح بعض الشركات خلال الأسبوع وما اشتملت عليه من نتائج ممتازة رغم ظروف الأزمة العالمية إلى حدوث موجة ارتفاعات قوية لأسعار أسهم معظم الشركات. وعلى الرغم من عمليات جنى الأرباح التي حدثت يوم الخميس والتي هبطت بالمؤشر إلى نصف ما حققه من ارتفاع في ذلك اليوم، فإن المعطيات لا زالت تشير إلى أن مسلسل الارتفاع سوف يستمر في هذا الأسبوع للأسباب التالية:
1- أن عمليات البيع التي حدثت على مدى أربعة أسابيع قد استنفدت زخمها بعد وصول المؤشر والأسعار إلى مستويات يصعب الهبوط دونها. فقد بات من الواضح على سبيل المثال أن سعر سهم المصرف لا يستقر عند مستوى 65 ريالاً للسهم وأنه يرتفع بشدة كلما اقترب من ذلك المستوى، وحدث نفس الشيئ مع الوطني عند مستوى 109 ريالاً والدولي عند مستوى 38 ريالاً، وصناعات عند مستوى 85 ريالاً….. وقس على ذلك بقية أسعار أسهم الشركات.
2- أن مؤشر سوق الدوحة لا يزال دون مستوى إغلاق العام الماضي بما نسبته 7.2%، وذلك رغم انتصاف العام مما يجعل هناك إمكانية لارتفاع المؤشر في الشهور المتبقية من العام على مرحلتين احداهما في هذه الفترة وربما الثانية في شهر أكتوبر القادم بعد صدور نتائج الربع الثالث من العام.
3- أن حدثاً مهماً قد اقترب زمانه يتمثل في الإفصاح عن أرباح الشركات المساهمة، مع إشارات إلى أن هذه الأرباح تميل في مجملها إلى نتائج جيدة –ولا أقول ممتازة- ولكنها جيدة أو حتى مقبولة في زمن يقدر فيه الجميع أن زمن النتائج الممتازة أو الاستثنائية والغير عادية قد انتهى. والمقبول في هذا الزمان أن تتراجع أرباح شركة مثل قطر للتأمين بنسبة 18% عن النصف المناظر من العام 2008، وأن تتراجع أرباح البنك الإسلامي الدولي بنسبة 27%، والمصرف بنسبة 5% والبنك التجاري بنسبة 9%. مثل هذه التراجعات وغيرها في شركات أخرى باتت مقبولة إذا ما قورنت بنتائج النصف الثاني من العام 2008 التي بلغت الذروة في حينها. وفي زمان مثل الذي نحن فيه تعاني الشركات في العالم من آثار الأزمة وتبعاتها، فإن قدرة الشركات القطرية على تحقيق أرباح قوية يجعلنا نردد التعبير اللبناني الشائع في مثل هذه الظروفكتر خير الله. وإذا كانت الشركات قد عادت إلى تحقيق أرباح مهمة فإن معنى ذلك أن عجلة النشاط قد دارت بعد توقفها لعدة شهور، وأنها لعوامل أخرى كثيرة مرشحة للاستمرار في الدوران في الشهور القادمة.
4- أن كثير من التطورات المتلاحقة تشير إلى قوة غير عادية في الاقتصاد القطري بدليل ما ينشر عن صفقة الاستحواذ على 15-20% من أسهم شركة فولكس واجن الألمانية وعن مشروعات بروة في الداخل والخارج. ويدعم هذه التوجهات استقرار سعر النفط فوق مستوى 60 دولاراً للبرميل وهو ما يزيد عن متوسط السعر التقديري لبرميل النفط في موازنة العام الحالي 2009/2010.
5- أن التقاريرالعالمية باتت ترجح خروج الاقتصاد الأمريكي من الركود مع نهاية العام الحالي ، وأن بعض كبريات البنوك قد استعادت قدرتها على تحقيق أرباح عالية في الربع الثاني من العام الحالي.
على ضوء ما تقدم نشير إلى أن اسعار الأسهم مرشحة لمواصلة الارتفاع في الأسبوع الحالي، خاصة وأن الطريق ممهد الآن للوصول إلى 7450 نقطة مرة أخرى، وهو المستوى الذي سبق أن وصل إليه المؤشر في بداية شهر يونيو الماضي. والحقيقة أن الأجانب – وخاصة المؤسسات- قد كانوا في الأسبوع الماضي في جانب المشترين (صافي) بما مجموعه 11.6 مليون ريال، وهذه الفئة من المتعاملين لا تغير اتجاهها بسرعة من جانب إلى آخر بل تعمل على بناء مراكز لعدة أسابيع على الأقل قبل أن تفكر في عمليات جني أرباح.
ومن جهة أخرى يبدو القطريون أكثر تمسكاً بأسهمهم في المرحلة الراهنة بعد أن ثبت لهم أن أسوأ ما في الأزمة العالمية قد إنقشع غباره وأن البيع عند هذه المستويات المنخفضة نسبياً ليس من الحكمة في شيئ. وهذه المبررات التي وردت أعلاه تجعلني أرجح ارتفاع الأسعار في الأسبوع الحالي واقتراب السوق من مؤشر 7000 نقطة أو حتى تجاوزها.
ومع ذلك يظل هذا رأيٌ شخصي يحتمل الصواب والخطأ، وقد يحدث العكس في حال حدث ما لم يكن في الحسبان، وإن كنت أظن أن ما قلته هو الصواب في هذه المرحلة.