لماذا تراجعت الأسعار في بورصة قطر في الأسبوع الماضي؟ (2-2)

متابعات اقتصادية

لماذا تراجعت الأسعار في بورصة قطر في الأسبوع الماضي؟ (2-2)

بقلم بشير يوسف الكحلوت

كان من خلاصة ما قلته في مقال الأسبوع الماضي حول أسعار الأسهم في بورصة قطر أن انخفاض الأسعار في هذه الفترة ينتج عن عدة أسباب في مقدمتها النتائج الضعيفة لكثير من الشركات مقارنة بالفترة المناظرة من العام 2008 من ناحية، وبسبب عمليات البيع لجني الأرباح التي يقوم بها المستثمرون بوجه عام والأجانب بوجه خاص كلما ارتفعت الأسعار على نحو ما حصل خلال الشهرين الماضيين. وقد خرجت في المقال السابق باستنتاج مفاده أن السمة الجديدة للسوق منذ أبريل الماضي هي حدوث ارتفاعات مفاجئة لأسبوعين أو ثلاث يعقبها انخفاض تصحيحي نتيجة جني الأرباح، ثم العودة إلى الارتفاع من جديد ثم انخفاض تصحيحي آخر، وفي المحصلة النهائية يكون هناك ارتفاعات صافية محدودة. وهذا النمط من التحركات هو الذي أبقى مؤشر السوق يدور في نطاق محدود بحيث أن أغلب التحركات الأسبوعية صعوداً أو هبوطاً لا تزيد عن مائة نقطة. وأنتهى المقال بتعليق مفاده إن هذه الصورة قد لا تتغير إلا إذا حدثت مستجدات غير عادية تُخرج التعامل من نمطيته الراكدة.

وقد جاء الأسبوع الماضي على نفس الوتيرة مع ميل للانخفاض بحيث فقد المؤشر في خمسة أيام نحو 57 نقطة وأقفل عند مستوى 7285 نقطة. وقد انخفضت أسعار أسهم 32 شركة فيما ارتفعت أسعار أسهم سبع شركات فقط، وحافظت أربع أخرى على أسعارها بدون تغيير. وقد شهد الأسبوع إعلان بقية الشركات المساهمة عن نتائج أعمالها في الربع الثالث، ولم تكن الصورة الكلية للنتائج مشجعة، حيث تبين أن النتائج المتحققة في الشهور التسعة الأولى من العام أقل من مثيلاتها في العام الماضي في 33 شركة، ومن بين هذا العدد تحولت ثلاث شركات؛ هي الرعاية ودلالة والطبية، إلى تحقيق خسائر، فيما حققت 9 شركات فقط نتائج أفضل.

على أن أرقام الأرباح المعلنة ونسب تغيرها عن الفترة المناظرة من العام الماضي تبدو أحياناً مضللة بعض الشيئ أو غير مفهومة. فأن يحقق الخليجي أرباحاً بواقع 136 مليون ريال مقارنة بـ 21 مليون في العام الماضي، وبنسبة زيادة 543% أمر طيب، بل ومذهل لو كان الأمر في ظل ظروف عادية، ولكن لأن أرباح السنة السابقة كانت منخفضة جداً لكونها جزئية في السنة الأولى من التشغيل فإن الزيادة الكبيرة تصبح غير مفاجئة ومنطقية.

من أجل ذلك ننصح المتعاملين بأن يهتموا بمتابعة عائد السهم الواحد، ومقدار الأرباح الموزعة على السهم في السنة السابقة، ومن هذه المقارنة نستطيع التنبؤ بمستويات الأرباح التي سيتم توزيعها بعد إنعقاد الجمعيات العمومية في مطلع العام الجديد، ومن ثم نستطيع أن نتنبأ باتجاهات سعر السهم في الأسابيع القادمة.

وعلى سبيل المثال حققت شركة ناقلات زيادة كبيرة في أرباحها بنسبة 129% عن الشهور التسعة المناظرة من العام السابق، وبلغت 348 مليون ريال، وفي المقابل ارتفع عائد السهم الواحد إلى 63 درهما فقط، وعليه فإن من المتوقع أن يظل عائد السهم في نهاية العام دون الريال الواحد، وذلك يجعل من الصعب على الشركة توزيع أرباح هذا العام، وهو أمر غير مفاجئ وسبق أن توقعته دراسة الجدوى الخاصة بإنشاء الشركة عندما ذكرت أن أول توزيع للأرباح سيكون عن عام 2010. ومن أجل ذلك ظل سعر سهم الشركة دون 25 ريال. وحققت المخازن زيادة في أرباحها بنسبة 932% ولكن عائد السهم لا يزال دون 25 درهماً، ومن ثم فضخامة نسبة الزيادة لم تنعكس إيجاباً على سعر السهم بل انخفض السعر في الأسبوع السابق بنسبة 6.6%.

وأما المتحدة للتنمية فزادت أرباحها بنسبة 138% ليصل عائد السهم إلى 3.77 ريال مقارنة بـ 1.58 ريال في الفترة المناظرة. ولكن الشركة وزعت ارباحاً نقدية في العام الماضي بنسبة 35% أو 3.5 ريال للسهم، وذلك يعني احتمال توزيع نفس المبلغ هذا العام، ولذلك حافظ سعر السهم على مستواه عند 41 ريالاً دون انخفاض.

وسجلت بروة زيادة في أرباحها المتحققة في 9 شهور بنسبة 108%، وارتفع بالتالي عائد السهم إلى 2.37 ريال مقارنة بـ 1.22 في الفترة المناظرة. ولكن لأن الشركة لم توزع أرباحاً للمساهمين في السنة السابقة، لذا فإن عائد السهم المتحقق في 9 شهور لا يبدو مغرياً. وحتى لو ارتفع مجمل العائد في عام 2009 إلى 3 ريالات للسهم، فإن الشركة قد لا توزع أرباحاً تزيد عن 20% نقداً، وذلك يُبقي السعر تحت ضغط عمليات جني الأرباح كلما حاول المضاربون رفعه لأكثر من 35 ريالاً.

وعلى ذلك تبدو الفترة القادمة على أنها استمرار لنفس الوتيرة من التحركات الهادئة حتى يتم استيعاب النتائج المعلنة وهضمها، ثم البحث عن مبررات ودوافع لتحركات جديدة للأسعار في أي من الإتجاهين.

ويظل ذلك ما رأيته اليوم في موضوع أسعار الأسهم على ضوء النتائج المعلنة للشركات في الربع الثالث، وقد يكون لنا عودة لهذا الموضوع بعون الله إذا ما استجد في الأمرجديد.