متابعات اقتصادية
بشير يوسف الكحلوت
كان الانخفاض الشديد في أسعار الأسهم في بورصة قطر يوم الثلاثاء الماضي بمثابة حدث عارض أو مطب هوائي مفاجئ في رحلة السوق نحو الاستقرار والارتفاع اللذين توقعتهما في مقالين سابقين منذ الأسبوع الثاني من نوفمبر. ورغم أن الانخفاض في حد ذاته كان منطقياً في ظل تراجعات كبيرة أصابت أسواق العالم الرئيسية وانتقلت أثارها لاحقاً إلى مركز الحدث في دبي وأبوظبي، إلا أن الانخفاض الحاد في بورصة قطر وبنسبة تزيد عن 8% يوم الثلاثاء الماضي لم يكن مبرراً على الإطلاق في ظل معطيات كثيرة تجعل الشركات المساهمة القطرية في وضع أفضل بكثير من مثيلاتها في أسواق أخرى في المنطقة القريبة أو في العالم البعيد. ولذلك لم يكن مستغرباً أن تعود أسعار الأسهم إلى الارتفاع في اليومين التاليين(الأربعاء والخميس) بحيث استردت كثير من أسهم الشركات معظم خسائرها، وعاد مؤشر السوق فوق 7000 نقطة بخسارة صافية في حدود 159 نقطة عن إقفال ما قبل العيد.
ومع عودة البورصة إلى التدوال هذا اليوم الأحد فإن الأسعار مرشحة في الغالب إلى تحقيق مزيد من الارتفاع معززة بجملة من المبررات من بينها:
• أن تعرض المصارف القطرية لديون دبي العالمية محدود للغاية استناداً إلى شواهد منها أن حجم القروض الخارجية للقطاع المصرفي القطري في مجمله لم يكن يزيد في شهر أكتوبر الماضي عن 9% من إجمالي التسهيلات الإئتمانية البالغة نحو 267 مليار ريال. ورغم عدم وجود تصريحات رسمية تحدد حجم القروض من مصارف قطر إلى شركة دبي العالمية، إلا أن إنشغال مصارف قطر بتمويل الاحتياجات الضخمة للعمران والنشاط الاقتصادي في قطر يجعلنا نرجح أن تكون تلك القروض لدبي العالمية محدودة جداً. الجدير بالذكر أن الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي قد استبق عودة التداول في السوق السعودي يوم الجمعة بتصريح أعلن فيه أن حجم انكشاف المصارف السعودية مع شركة دبي العالمية لا يزيد عن 2 في الألف، وقد ساعد هذا الإعلان على عدم انخفاض الأسعار بشدة في سوق الأسهم السعودي على النحو الذي حدث في بورصات الخليج الأخرى.
• أن شركة دبي العالمية لم تعلن إفلاسها، وإنما مارست حقاً من حقوقها عندما طالبت بتأجيل سداد قسطاً من ديونها لمدة ستة أشهر، كما أن حكومة أبوظبي لم تتخل عن شقيقتها دبي ووعدت بالمساعدة بالطريقة التي تراها مناسبة.
• أن حكومة دولة قطر قد أظهرت على مدى شهور الأزمة المالية العالمية، حرصها الشديد على معالجة تداعيات الأزمة على النظام المصرفي القطري، وأنفقت في سبيل ذلك مليارات الريالات، ومن ثم فإنها لن تتوانى عن التدخل مجدداً إذا ما ظهرت حاجة لذلك بسبب ديون دبي العالمية.
• أن الاقتصاد العالمي يتجه بخطوات متسارعة نحو الخروج من الركود الاقتصادي العالمي، وقد أظهرت البيانات الأمريكية الصادرة يوم الجمعة أن معدل البطالة قد تراجع في شهر نوفمبر إلى 10%، وتباطأ حجم الإستغناء عن الموظفين إلى 11 ألف وظيفة فقط. كذلك باتت التوقعات ترجح نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.5% في عام 2010، ونمو الاقتصاد القطري بواحدة من أعلى النسب في العالم، كما اشار إلى ذلك حضرة صاحب السمو الأمير في خطابه السنوي أمام مجلس الشورى.
• أن موسم الإعلان عن النتائج المالية للشركات المساهمة القطرية قد اقترب أوانه، حيث تبدأ بعض الشركات في الإفصاح عن نتائج أعمالها وعن قرارات توزيعاتها قبل نهاية السنة، وذلك سيُبقي البورصة في حالة ترقب بما يحول دون انخفاضها دون إل 7000 نقطة ، مع احتمال ارتفاع أسعار أسهم شركات بعينها إذا ما تسربت أخبار عن توزيعاتها المحتملة، أو إذا ما سرت إشاعات بشأنها قياساً على ما حدث في سنوات سابقة. وبالقدر ذاته، قد يكون للتوزيعات المحتملة لبعض الشركات تأثيرات عكسية إذا ما جاءت بخلاف التوقعات.
والخلاصة أن الأمور تسير باتجاه معافاة البورصة القطرية بالكامل من تأثيرات المطب الجوي الذي تعرضت له يوم الثلاثاء الماضي، بحيث قد نرى تجاوز المؤشر لمستوى 7200 نقطة الذي كانت حوله قبل العيد. ويظل ذلك في الختام رأيي الشخصي الذي يحتمل الصواب والخطأ.