يمكن وصف أداء البورصة هذا الأسبوع بأنه أشبه بمعركة تمكن خلالها المؤشر من البقاء مجدداً فوق مستوى 6800 نقطة؛ فقد سجل المؤشر في أول يومين تراجعاً بما مجموعه 42 نقطة إلى 6762 نقطة، ثم انتفض في اليوم الثالث وارتفع بمقدار 59 نقطة إلى 6820 نقطة، عاد بعدها وانخفض في اليوم الرابع بمقدار 18 نقطة، ثم انتفض ثانية في اليوم الخامس بمقدار 51 نقطة ليستقر بها عند مستوى 6853.6 نقطة. ولم تكن انتفاضتي اليومين الثالث والخامس نتيجة تفاعلات عادية بين قوى العرض والطلب على قائمة واسعة من أسهم الشركات، وإنما جاء نتيجة لتدخلات من محافظ قطرية في ربع الساعة الأخير من التداولات على أسهم شركات محدودة بعينها في مقدمتها سهم شركة صناعات. وهذه التطورات والتدخلات قد أحدثت في البورصة ظاهرة غير مألوفة لم نشهدها من قبل.
ولقد كانت مجريات الأحداث توحي باحتمال حدوث أداء مختلف في البورصة، ففي الأيام الأولى كان حجم قيم التداول يشهد تراجعاً يومياً وصل معه إلى مستوى 161 مليون ريال يوم الأحد ثم إلى 150 مليون ريال يوم الإثنين، وكاد ينزلق دون المائة مليون يوم الثلاثاء لولا عمليات شراء مكثفة في ربع الساعة الأخير رفعته إلى 200 مليون ريال. وفي غياب مثل هذا التدخل، عاد حجم التداول إلى الانخفاض ثانية يوم الأربعاء إلى مستوى 94.6 مليون ريال، وكاد أن يتكرر الأمر ذاته يوم الخميس عندما نشط التداول في الدقائق الأخيرة على سهم صناعات نتيجة عمليات تهافت على شراء السهم، ارتفع معها حجم التداول إلى 216.7 مليون ريال، ثُلثها أو نحو 73.4 مليون ريال على سهم صناعات. وبالنتيجة انخفض إجمالي حجم التداول خلال الأسبوع الحالي إلى 823.3 مليون ريال بمتوسط 164.6 مليون ريال يومياً، هو الأقل منذ عدة سنوات.
ولقد نشطت المحافظ والمؤسسات القطرية في الشراء في ثلاثة أيام واشترت (صافي) خلال الأسبوع بما مجموعه 144.7 مليون ريال، مقارنة بـ 127.1 مليون و 80.3 مليون، و 68.2 مليون ريال، في الأسابيع السابقة على الترتيب. والملاحظ أن عمليات هذه الأسبوع كانت الأولى من نوعها، حيث انفردت المحافظ القطرية بالشراء الصافي مقابل مبيعات صافية من الفئات الأخرى وذلك على النحو التالي:
• باع الأفراد القطريون صافي لأول مرة بقيمة 8 مليون ريال، بعد أن داوموا على عمليات الشراء الصافي في الأسابيع الماضية بقيم 39.3 مليون، و 158.7 مليون ، 102.4 مليون، و 78.6 مليون ريال على التوالي.
• حافظ الأفراد غير القطريين على عمليات البيع الصافي بقيمة 13.3 مليون ريال مقارنة ببيع صافي بقيمة 2.5 مليون في الأسبوع السابق، وشراء صافي بقيمة 42.5 مليون ريال في الأسبوع الأسبق، وبيع صافي بقيمة 14.4 مليون ريال في الأسبوع الذي سبقه.
• واصلت المحافظ غير القطرية عمليات البيع الصافي للأسبوع التاسع على التوالي بما قيمته 123.7 مليون ريال مقارنة بـ 164 مليون ريال في الأسبوع السابق, و 280.3 مليون ريال في الأسبوع الأسبق.
وفي ظل حالة الغموض وإحجام المتعاملين-باستثناء بعض المحافظ القطرية- عن الشراء أو البيع، لم يكن مستغرباً أن تحدث انتفاضتي اللحظات الأخيرة اللتين كانتا تحدث فيهما طلبات كبيرة للشراء بسعر السوق، وقد وجدنا كيف أن سعر سهم صناعات قد ارتفع بقوة يوم الخميس وأصاب عروضاً عند مستوى ، 107.4 ريال بعد أن ظل معظم فترات التداول ما بين 98-99 ريال. وقد حصل شيء مما ثل مع سعر سهم الكهرباء و قطر للتأمين.
ومرة أخرى أعود لطرح السؤال الذي طرحته يوم الجمعة الماضي وهو هل تؤسس البورصة لمرحلة جديدة؟ ولقد كان في ظني قبل أسبوع أن استقرار المؤشر فوق 6800 نقطة لبعض الوقت يمكن أن يدفع باتجاه عودة المؤشر إلى الارتفاع مجدداً وخاصة إذا ما اقترب شهر يونيو من نهايته، وبدأت تظهر نتائج الربع الثاني من العام. إلا أن الضمور الذي لحق بأحجام التداول هذا الأسبوع على نحو غير مسبوق، يُضعف الأمل في حدوث هذا التحول سريعاً وذلك لجهة تحول المتعاملين إلى قُناص فرص، وقد وجدت على سبيل المثال أن الأفراد القطريين قد اشتروا يوم الخميس بما مجموعه 81.8 مليون ريال، وباعوا بنفس المبلغ في نفس اليوم، أي لتحقيق ربح سريع.
على أن التحسن الذي طرأ على المؤشرات العالمية يوم الخميس، يمكن أن يساعد في إحداث التحول المطلوب في أداء بورصة قطر نحو الارتفاع إذا ما استمر على نفس المنوال يوم الجمعة، ولم يحدث ما يعكر الأجواء من جديد.
ويظل ما أقول في كل مقالة رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ، والله أعلم….