عندما يحدث تحسن في أداء البورصة فإن ذلك يكون راجعاً في جزء منه على الأقل إلى تحسن في المعطيات الاقتصادية بوجه عام والمصرفية بوجه خاص، وقد تحسن أداء البورصة نسبياً في النصف الأول من يونيو بعد تراحعه الملحوظ في مايو، فهل كان هناك تحسناً في أرقام الجهاز المصرفي التي صدرت مؤخراً والتي تصور واقع الحال كما كان عليه يوم 31 مايو 2010؟ من حيث المبدأ يمكن الإجابة بالإيجاب على هذا السؤال حيث نمت موجودات الجهاز المصرفي بما نسبته 1.6% عن أبريل لتصل إلى 487.4 مليار ريال، وبنسبة نمو 3.4% عن نهاية ديسمبر 2009.
ومن حيث التفاصيل نجد أن ودائع العملاء قد نمت في مايو بنسبة 0.6% عن أبريل وبنسبة 11.4% في خمسة شهور لتصل إلى 275 مليار ريال ، ولكن الحسابات الجارية ارتفعت فجأة إلى 80 مليار ريال بزيادة 9.1% عن أبريل وبنسبة 15.4% عن ديسمبر الماضي. وهذا الرقم الأخير مهم جداً لتداولات البورصة باعتبار أن كافة حسابات التداول هي في الأصل حسابات جارية.
كما يلاحظ أن ودائع البنوك لدى بنوك في الخارج قد انخفضت في مايو بنحو 9.6 مليار ريال وبنسبة 26.4%، مما يعني أن توظيفات البنوك قد زادت في الداخل على حساب موجوداتها في الخارج.
ومن حيث التسهيلات الائتمانية نجد أن الصورة قد تغيرت عما كانت عليه مع نهاية أبريل، حيث زاد الائتمان المحلي بنسبة 2.5% في شهر وبنسبة 8.4% في خمسة شهور، ليصل إلى 273.5 مليار ريال، وإن لم تكن التفصيلات على درجة واحدة أو في اتجاه واحد. فالملاحظ أن التسهيلات الائتمانية الممنوحة للأفراد والمعروفة بالقروض الاستهلاكية قد زادت بنحو 2 مليار ريال وبنسبة 3.6% عن نهاية أبريل، وبنسبة 7.5% عن ديسمبر، وهذه الزيادة يذهب جانب منها على الأقل للاستثمار في الأسهم المحلية، إن لم يكن بشكل دائم فعلى الأقل يتم ذلك عند منح التمويلات التي توفرها البنوك الإسلامية في صورة مشتريات أسهم، يتم بيعها في وقت لاحق لاستخدام السيولة المتاحة في أغراض استهلاكية أخرى.
أما بالنسبة للتسهيلات الائتمانية والتمويلات المخصصة لقطاع العقارات فقد شهدت زيادة ملحوظة في مايو عن إبريل بمقدار 1.6 مليار ريال وبنسبة 4.3% لتصل إلى 39.2 مليار ريال، ولكنها ظلت دون المستوى الذي كانت عليه في ديسمبر الماضي وهو 40 مليار ريال بنسبة 3%. وهذا التحسن في مايو يُعد ظاهرة صحية بعد أن ظلت البنوك تمنتع عن التوسع في إقراض نشاط العقارات.
على أن التسهيلات المقدمة للمقاولين قد تراجعت في أبريل بنسبة 1.4% إلى 14.5 مليار ريال بعد أن ارتفغت في الفترة منذ نهاية ديسمبر بنسبة معقولة بلغت 11.5%. كما تراجعت التسهيلات المقدمة لقطاع الخدمات بنسبة 2.5% في أبريل، وبنسبة 14.1% في خمسة شهور لتصل إلى 26.8 مليار ريال، مقارنة بـ 27.5 مليار في أبريل، و 31.2 مليار في ديسمبر الماضي، وهو ما يشير إلى أن حصة هذا القطاع من التسهيلات المصرفية هي في تراجع مستمر.
ونجد أيضاً أن حصة قطاع الصناعة ، وفئة القطاعات الأخرى، قد تجمدت في مايو بدون زيادة أو نقصان عند مستوى 6 مليار ريال لقطاع الصناعة، و 8.2 مليار ريال للقطاعات الأخرى، مع الإشارة إلى أن حصة هذين القطاعين في تراجع منذ ديسمبر بنسبة 1.6% للصناعة و 12.8% للأخرى.
وبالمحصلة فإن التسهيلات المقدمة للقطاع الخاص قد زادت في مايو بنسبة 1.6% إلى 178.3 مليار ريال، مقارنة بزيادة ضئيلة نسبتها 0.2% في خمسة شهور، وذلك يشير إلى أن الصورة تحسنت في مايو بعد أن ظلت ضعيفة للغاية في الشهور السابقة. على أن القطاع المصرفي قد وجد مدخلاً سهلاً لتوظيف أمواله للقطاع العام والحكومة، بمخاطر معدومة، وإن بربح أقل، ونجد بهذا الخصوص أن التسهيلات المقدمة للحكومة قد زادت في مايو بنسبة 20.9% إلى 40.5 مليار ريال، مقارنة بـ 33.5 مليار في أبريل، مع التنويه بأن قروض المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية قد انخفضت في مايو رغم أن الأولى (أي المؤسسات الحكومية) قد ارتفعت بنسبة 55.3% في خمسة شهور، وارتفعت شبه الحكومية بنسبة 3% في نفس الفترة.