وماذا عن خسائر السعودية والإمارات من الحصار؟؟

عرضت في المقال السابق لأسباب نجاح قطر في الصمود اقتصاديا وماليا في وجه الحصار الخليجي المفاجئ لها من جانب السعودية والإمارات. ومع التسليم بأن أي حصار من هذا النوع سيكون له أضرار وخسائر تلحق بجميع الأطراف، فإن السؤال الذي نناقشه اليوم هو عن خسائر الدول التي بادرت بفرض الحصار على  قطر، والتي ربما ظنت أنها ستكون بمأمن من عواقبه، إذا ما عجلت قطر بالرضوخ لشروطهما. ونبدأ بالحديث عن الخسائر التي ستلحق  بالإمارات وإمارة دبي على وجه الخصوص، التي سوقت لنفسها إقليميا وعالميا على أنها سويسرا الشرق الأوسط من حيث الأمان والإستقرار، وفتحت أبوابها للقاصي والداني للسياحة والإستثمار المالي والعقاري.. ولا شك أنها قد نجحت في ذلك إلى حد كبير.. وهي اليوم معرضة لخسائر تدريجية تلحق بهذه المكتسبات نتيجة لتحول الإمارات إلى بؤرة في قلب الصراعات مع جيرانها.. فناهيك عن خسارتها للسائحين والمستثمرين من قطر، وطنيين ومقيمين، فإنها ستفقد عشرات أو مئات الآلاف سنوياً من المتعاطفين مع قطر في  دول الخليج الأخرى بما فيها السعودية، ومن دول العالم.  وأشار تقرير لمؤسسة بلومبرج  هذا الأسبوع إلى أن شركة دكسب انترتينمنت التي تتخذ من دبي مقراً لها ستكون في مقدمة المتأثرين باعتبار أن هيئة الإستثمار القطرية هي ثاني أكبر مساهم فيها. وأضاف تقرير بلومبرج إلى أن شركة دريك  أند سكل العالمية التي تتخذ من دبي مقراً لها  لديها مشاريع في قطر بقيمة 136 مليون دولار. وستفقد بنوك دبي وأبوظبي مليارات الدراهم من جراء قيام أصحاب الودائع بسحبها، وهو الأمر الذي لن تكون الإمارات قادرة على منعه كما فعلت عند منع وتجريم المغردين والمتعاطفين مع قطر. ويضاف إلى ما تقدم خسائر الفنادق التي قيل أنها خسرت بالفعل نسبة من حجوزاتها،، وكذلك الحجوزات على طيران الإمارات والإتحاد، والمنتجات الإماراتية العديدة التي كانت تغزو السوق القطري، لكنها ستتلاشى منه تدريجياً  بامتداد أجل الأزمة.

وإذا ما انتقلنا إلى السعودية، سنجد أن صادراتها لقطر من منتجات الألبان والمنتجات الزراعية بأنواعها ستكون في مقدمة الخاسرين من الحصار  على قطر بإعتبار أن جزءاً كبيراً من تلك المنتجات يأتي للسوق القطري. وفي موسم  شد الرحال إلى مكة لأداء العمرة ومن  ثم الحج،،، يأتي الحصار والمنع ليكون سيفاً يضر بصاحبه  قبل أن يضر  بأهل قطر…. فلن يضير القطريين والمقيمين حرمانهم من العمرة هذه السنة، حيث ألغى رسولنا الكريم في عام الحديبية عُمرة كان قد بدأ بها مع أصحابه.  لكن فنادق مكة وطيرانها وأسواقها وشركات النقل فيها سوف تتضرر كثيراً من هذا التوقف، ومن لا يصدق يذهب ليسأل عن أسعار الفنادق  في مكة الآن.  وإذا ما طال الحصار فإن الشركات السعودية والإماراتية سوف تتأثر نتائج أعمالها بأزمة الحصار، ومن ثم قد تتقلص أرباح البعض منها، وقد تزداد خسائر أخرى، وينعكس ذلك سلباً على أداء  الأسهم في بورصات الدولتين، ومن ثم تتراجع أسعارها ومؤشراتها.

وفي حين تبدو قطرأكثر صلابة وعزيمة  وقدرة على الصمود في وجه الحصار، فإن هشاشة مواقف الدول المحاصرة وعدم قدرتها على اقناع العالم فضلاً عن شعوبها بما تدعيه من إتهامات، مع تراكم خسائر اقتصاداتها من الحصار، كل ذلك سيعجل بفشل هذه الحملة الظالمة، ورب ضارة نافعة… ويحضرني في هذا المجال قصة مشابهة  حدثت قبل 60 عاما عندما كانت قطر تعتمد على ميناء البحرين في استيراد السلع والبضائع، مقابل حصول البحرين على رسوم جمركية على تلك الواردات.. وقد قررت البحرين فجأة وقف هذه الواردات القطرية عبر مينائها، فما كان من قطر إلا أن استعاضت عن ذلك باستخدام ميناء مسيعيد المخصص للنفط، لحين تم بناء ميناء الدوحة… وخسرت البحرين رسوم الإستيراد المستقطعة عن السلع الواردة لقطر للأبد، وخسر قطاع الخدمات الملاحية لديها الأعمال التي كانت متصلة بتلك الواردات.