هل اقترب مجلس التعاون من حالة الموت السريري؟

عرضت يوم الأربعاء في مقال إضافي  لبعض خسائر الدول التي بادرت بفرض الحصار على  قطر، وأضيف اليوم قائمة أخرى للخسائر التي ستلحق بالجميع من جراء هذا الحصار. وهذه الخسائر التي ترتبت على الحصار تدفع مؤسسات مجلس التعاون باتجاه حالة من الموت السريري، الذي لم تصدر شهادة وفاته بعد، ولكنه سيصبح في عداد الأموات، ما لم تتراجع الدول الثلاث عن قراراتها في أقرب فرصة.. كيف لا ومعظم إن لم يكن كل القرارات الصادرة عن المجلس لتنظيم العلاقات الإقتصادية والتجارية والمالية بين أعضائه قد تعطلت بقرار الحصار البري للبضائع، ومنع تنقل الأشخاص والأموال من وإلى قطر. فمن بين القرارات الرئيسية المجلس ما يلي:

1-حرية تنقل المواطنين بين دول المجلس بالبطاقة الشخصية، وهذا الأمر بات من الماضي، ولا يستطيع أي مواطن خليجي من الدخول إلى دولة قطر، لا براً ولا بحراً، ولا أن يخرج منها أي مواطن قطري باتجاه الدول الثلاث المحاصرة. وهكذا قرارمستهجن، ويذكر بحصار برلين بعد الحرب العالمية الثانية.  

2-حرية انتقال السلع والبضائع ذات المنشأ الوطني من دولة إلى أخرى بدون رسوم جمركية، وقد منع الحصار انتقال البضائع من الدول الثلاث إلى قطر، أو استقبالها للبضائع القطرية منعاً باتاً. 

3-حرية انتقال رؤوس الأموال والإستثمارات بين دول المجلس، وترتب على الحصار عدم السماح بذلك نهائياً. كما تقضي الإتفاقية الإقتصادية بالسماح بمعاملة الخليجيين في أي دولة معاملة المواطن في مجال الإقامة والعمل والتملك. وقد طالبت الدول المحاصرة رعاياها العاملين في قطر بمغادرتها فورا ما عدا البحرين طبعاً التي راعت ظروف مواطنيها العاملين في قطر.

وإضافة إلى ما تقدم فإن إقامة المشاريع والمؤسسات المشتركة الجديدة بين دول المجلس وقطر لن يكون ممكناً، وسوف يتوقف من جراء  قرارات الحصار،، وقد تتضرر المشاريع القائمة بالفعل، والتي كانت ثمرة من ثمرات قيام مجلس التعاون، كما قد تتعطل أعمال منظمة الخليج للإستشارات الصناعية  التي مقرها الدوحة وتقدم خدماتها لجميع الدول الأعضاء، ويعقد مجلس إدارتها أو مجلس الأمناء اجتماعات ربع سنوية يحضره وكلاء وزارات الصناعة في جميع الدول، ومن المفروض أن ينعقد الإجتماع نصف السنوي خلال هذا الشهر. وعلى غرار ذلك هناك إجتماعات دورية نصف سنوية لوزراء الصناعة بدول المجلس، ومثلها لوزراء المالية والإقتصاد والتجارة، وثالثة لمحافظي البنوك المركزية، إضافة إلى اجتماعات أخرى للوزراء والمسؤولين في كافة الوزارات الأخرى، كالداخلية والخارجية والصحة والتعليم وغرف التجارة والصناعة، وغيرها.  وهذه الإجتماعات لن تُعقد في الدوحة بعد اليوم في ظل الحصار والمقاطعة، كما أن القطريين لن يشاركوا فيها إذا انعقدت في الرياض أو أبوظبي أو المنامة. 

4- ثم ماذا عن مستقبل المشروعات الخليجية المقامة منذ سنوات طويلة، وما إذا كانت ستستمر أم لا  ومنها مؤسسة الخليج للإستثمار ومقرها الكويت، ومصنع الخليج للألمنيوم في البحرين، وعدد كبير من مشروعات الشركات الخاصة المشتركة. وعقود شركات المقاولات الخليجية في قطر، ومعظم  هذه المصالح والأنشطة  ستتأثر بتوقف حركة السفر والنقل إلى قطر وبالعكس، وسيترتب على ذلك خسائر جمه على مستوى القطاعات، أو الإقتصادات الخليجية بوجه عام. وهناك أيضاً مشروعات تصدير الغاز والكهرباء من قطر للإمارات وبعض دول المجلس.

5-وهناك إتفاقيات عمل تنظم الكثير من الأمور الحياتية بين دول المجلس، ومنها على سبيل المثال لا الحصر اتفاقية الإتحاد النقدي، وما ينبثق عنها من اتفاقات عديدة، في المجالات النقدية والمصرفية. وهناك الدور البارز الذي تقوم به قطر في مجال التنسيق بين الدول المنتجة للنفط داخل الأوبك وخارجها، وسيكون لتعطل هذه الجهود آثار سلبية على أسعار النفط العالمية، وهو ما حدث بالفعل مؤخراً حيث انخفض سعر برميل نفط الأوبك في الأسبوع الماضي إلى ما دون 45 دولاراَ للبرميل لأول مرة منذ ما يزيد عن سبعة شهور.

ومع التنويه بأن قطر لم ولن تطرد أي من مواطني الدول الثلاث المحاصرة لها، ولن تكون المبادرة بإتخاذ  أي خطوات إنفرادية بالإنسحاب من مؤسسات مجلس التعاون، فإن استمرار فرض الحصار من الدول الأخرى على قطر، هو الذي سيُدخل مؤسسات المجلس في حالة موت سريري، بانتظار تبدل المواقف، أو التراجع عنها.