صورة الاقتصاد القطري لعام 2000 بدأت تتضح ملامحها من خلال ما ينشر تباعاً من بيانات ومعلومات عن نشاط وفعاليات الوحدات الاقتصادية المختلفة أو من خلال ما يصدر من تقديرات متفرقة عن أدار الاقتصاد الكلي.. ومن الواضح حتى الآن أن الصورة تبدو مشرقة في جوانب كثير وإن كانت لا تخلو من جوانب الضعف الظاهرة في أكثر من جانب .. فخلال هذا الأسبوع أعلن مسؤول في وزارة المالية والاقتصاد والتجارة أن هناك فائضاً متوقعاُ في الموازنة العامة للعام 2000/2001 يقدر بنحو 2.7 بليون دولار أو ما يقارب عشرة بليون ريال قطري، وذلك بالطبع ناتج عن تقدير الإيرادات عند بداية السنة على أساس 15 دولارا لبرميل النفط في حين أن السعر الفعلي المتوسط حتى هذا التاريخ (أي قبل شهر من انتهاء السنة المالية) يزيد عن26 دولارا للبرميل .. هذه الأنباء السارة تأتي في وقت إعداد الموازنة العامة للسنة المالية الجديدة وفي ظل استمرار الارتفاع في أسعار النفط مما يحمل على الاعتقاد بأن تقدير الإيرادات للسنة الجديدة سيكون أعلى من 15 دولاراً للبرميل و قد يكون في حدود 18 دولاراً وذلك لسببين:
الأول: أن واقع الحال في سوق النفط العالمية يغري بذلك من حيث انخفاض حجم المخزونات البترولية العالمية بشدة وحفاظ دول الأوبك على آلية جيدة لمراقبة الأسعار ومتابعتها بما يضمن عدم هبوطها دون مستوى 22 دولارا للبرميل.
الثاني: أن تعمد استخدام أسعار تقديرية منخفضة تقل بكثير عن الأسعار المتوقعة يؤدي إلى إعطاء صورة مشوشة عن أداء الاقتصاد القطري ، وبالتالي تفقد التقديرات قبولها ومصداقيتها.
****** ****** ******
وصدرت في الآونة الأخيرة عن بنك قطر الوطني بعض التقديرات عن أداء الاقتصاد في عام 2000 ، وتضع تلك التقديرات معدل النمو السنوي في حدود 19% بالأسعار الجارية ليصل الناتج المحلي الإجمالي الى نحو 53 بليون ريال قطري ، وقد تحقق جزء كبير من حذا النمو في الناتج من جراء ارتفاع أسعار النفط وزيادة ناتج القطاع النفطي بما يزيد عن 30%، في حين كان أداء بقية القطاعات في مجملها في حدود 8% 0 وبالطبع تباين أداء هذه القطاعات ، فكان بعضها قوياً كالصناعة ، ومعتدلاً كالبنوك وقطاع الاتصالات إلى ضعيف أو معدوم كالنشاط التجاري ونشاط المقاولات.
وتشير تقديرات بنك قطر الوطني إلى أن مؤشر أسعار المستهلكين قد انخفض في عام 2000 بنسبة 0.6% وتذهب تقديرات أخرى إلى أن المؤشر قد انخفض بأكثر من ذلك ، بسبب انخفاض أسعار العقارات من ناحية ، وبسبب تعدد الأسواق الجديدة الكبيرة التي عملت على جذب الزبائن بمختلف الطرق.
وخلال الأسابيع الماضية بدأت تظهر نتائج أعمال الشركات القطرية المساهمة مثل كيوتل التي أعلنت عن زيادة في أرباحها بنسبة 6% إلى مستوى 734 مليون ريال ، وكذلك زيادة أرباح بنك قطر الوطني بنسبة 9% إلى مستوى 491 مليون ريال. كما صدرت نتائج شركات أخرى مثل قطر للتأمين ، ومن المنتظر أن تصدر بقية النتائج خلال الأسابيع القادمة ، وذلك بعد انعقاد الجمعيات العمومية 0ورغم أن النتائج المعلنة حتى الآن تبدو جيدة إلا أن ذلك لم يشفع لمؤشر سوق الدوحة للأوراق المالية الذي أقفل في نهاية عام 2000 بانخفاض نسبته 8% مع تراجعه في شهري يناير وفبراير بأكثر من نصف ذلك ، وكما أشرنا في مقالات سابقة ، فإن انخفاض المؤشر لم يكن ناتجاً عن تراجع في نتائج الشركات المساهمة بقدر ما كان محصلة لعوامل ومعطيات مالية متعددة بعضها خارجي ، وأكثرها داخلي.
****** ****** ******
ولكي تكتمل الصورة عن عام 2000 لابد من صدور البيانات الفعلية للأسعار والتجارة الخارجية وبيانات الناتج المحلي الإجمالي عن إدارة الإحصاء بمجلس التخطيط وكذلك البيانات النقدية وميزان المدفوعات عن مصرف قطر المركزي والبيانات الفعلية للمالية العامة للسنة 2000/2001 ، وهذه تحتاج إلى بعض الوقت .