تشير التقريرات الأولية التي أعلنها مصرف قطر المركزي يوم الخميس الماضي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي قد نما في الربع الثاني من العام (أي الفترة من إبريل إلى نهاية يونيو 2001) بمعدل 7.6 بالمائة .. هذه النسبة المرتفعة للنمو قد تحققت في قطاع واحد هو قطاع النفط والغاز ، ولكن بقية القطاعات كانت في مجملها في حالة ركود .. وباستثناء قطاع الصناعة الذي شهد دخول مصنع QVC مرحلة الإنتاج التجريبي خلال الفترة ، وارتفعت أسعار منتجاته الصناعية ، فإن معظم القطاعات الأخرى كالتشييد والبناء ، والتجارة كانت في حالة ركود بحيث أن معدلات النمو المتحققة إما أنها كانت سالبة أو قريبة من الصفر.
هذه الأرقام تعكس واقع الحال في أنشطة القطاع الخاص التي تعاني من تراجع الطلب على منتجاتها وخدماتها إما بسبب اشتداد المنافسة بين التجار لكثرة المعارض والأسواق ، أو لانخفاض القوة الشرائية لدى المستهلكين بعد مسلسل الخسائر التي عصفت بمدخرات الناس في شركة المدينة للاستثمار وبنك التقوى وسوق نيويورك المالية ، وغيرها من الأسواق العالمية. وإذا كانت الأرقام الرسمية صادقة في إعطاء صورة حقيقية لضعف نشاط القطاع الخاص وقلة السيولة لدى أفراد المجتمع ، فإن بعض التطورات التي حدثت خلال الأسبوع قد عبرت عن هذه الحقيقة بأساليب مختلفة ومتباينة ولكنها تدفع كلها باتجاه واحد هو تأكيد صورة القطاع الخاص الضعيف جداً سواء في ذلك حال الشركات أم الأفراد:
وأول هذه التطورات جاء من إعلان هو الأول من نوعه في قطر ، مفاده أن ثماني عشرة مؤسسة مالية محلية وإقليمية ودولية قد وافقت على جدولة ديون بقيمة 1100 مليون ريال مستحقة على شركة المناعي التجارية التي هي أكبر شركات القطاع الخاص في قطر سواء من حيث عدد الموظفين والعاملين بها (4000 موظف وعامل) ، أو من حيث تنوع أنشطتها التجارية.
والتطور الثاني ورد في خبر مفاده أنه بعد قرار حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بصرف سلف سيارات و سلف على الراتب لموظفي الحكومة ، فإن وزارة الخدمة المدنية قد تلقت في الشهر الأول لتطبيق هذا القرار عشرة آلاف طلب بمعدل 300 – 400 طلب يومياً ، وبقيمة إجمالية نقدرها بما يتراوح ما بين 200 – 300 مليون ريال، وأن طلبات السلف لغير القطريين سيبدأ قبولها في شهر سبتمبر القادم.
والتطور الثالث جاء من ارتفاع مفاجئ في مؤشر سوق الدوحة للأسهم المحلية على إثر طلب كبير (قيل أنه من الإمارات) على أسهم شركة كيوتل ، فارتفع سعر السهم إلى 69 ريالاً ، وارتفع المؤشر إلى 139 نقطة … ويفهم من ذلك أنه رغم ما تمثله أسهم بعض الشركات المحلية من فرص استثمارية جذابة ، إلا أن قلة السيولة لدى أفراد المجتمع قد أبقت الطلب المحلي على هذه الأسهم محدوداً ، وبالتالي ظلت أسعارها منخفضة إلى أن جاء الفرج من الخارج .. ولكن هذا الذي يأتي من خارج البلاد لا يدوم في الغالب طويلاً ، ويكون تأثيره عكسياً إذا ما قرر أصحابه في أي لحظة بيع ما لديهم من أسهم لجني الأرباح.
هذه التطورات نماذج حية لما يعاني منه الأفراد والقطاع الخاص من أوضاع مالية صعبة يستوي في ذلك القطريون وغير القطريين، وإنه للخروج من هذه الأزمة فان الأمر يتطلب مزيدا من القرارات والكثير من الإجراءات الهامة والملحة ، وقد حدث خلال الأسبوع تطوراً مهماًَ ، وله أهميته في التخفيف من معاناة الناس الشديدة ، ويتمثل في إعلان الإدعاء العام في قطر عن بدء إجراءاته لملاحقة جورج رزق المدير الهارب في شركة المدينة للاستثمار في محاولة لاسترجاع أموال العباد التي خرج بها الرجل بدون وجه حق. ورغم أن الطريق يبدو طويلاً قبل الوصول إلى أي إنجازات في هذا الموضوع إلا أن الأمل يظل موجوداً بما قد يعيد البسمة والفرحة يوماً لآلاف المودعين.