قراءة في تنبؤات وكالة الطاقة الدولية

التقرير الذي صدر في الأسبوع الماضي عن وكالة الطاقة الدولية يحمل الكثير من المعاني والدلالات ، ويستحق بالتالي وقفة تأمل ومتابعة ، فقد أورد التقرير جملة المعلومات الهامة التالية:

* أن الزيادة في الطلب العالمي على النفط هذا العام 2001 ستكون في حدود 460 ألف برميل يومياً ليصل مجمل الطلب إلى 76 مليون برميل يومياً.

الجدير بالذكر أن تقديرات الوكالة السابقة للزيادة في الطلب عام 2001 كانت سابقاً تصل إلى 1.8 مليون برميل يومياً ، ولكن وبعد سلسلة من المراجعات الشهرية ، تم خفض الرقم إلى 460 ألف برميل يومياً فقط نتيجة تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.

* أن الزيادة المنتظرة لعام 2002 ستكون في حدود 780 ألف برميل يومياً ، وأن كل هذه الزيادة ستأتي من المنتجين من خارج دول الأوبك ، وسيظل الطلب على نفط الأوبك (بما في ذلك العراق) في حدود 26.5 مليون برميل يومياً بدون تغير يذكر عن عام 2001.

* أن دول الأوبك تبد راغبة وقادرة عل إبقاء الأسعار ضمن المستويات التي حددتها ، وهي في الإطار 22 – 28 دولار للبرميل طيلة عام 2001 ومعظم شهور عام 2002.

* أن مخزونات النفط في الدول الصناعية تزيد بشكل ملحوظ عن أدنى مستوى وصلته قبل عام ، وذلك نتيجة للتباطؤ المشار إليه في الطلب العالمي.

فما هي دلالات هذا الخبر فيما يتصل بمصالحنا الاقتصادية؟

أولاً: أن أسعار النفط ستظل مستقرة خلال الشهور القادمة حتى نهاية مارس 2002 فوق مستوى 22 دولاراً للبرميل بما يعنيه ذلك من تحقيق فوائض مالية كبيرة للسنة الثانية على التوالي ليس في قطر وحدها وإنما في كل الدول الخليجية.

ثانياً: أن دول الأوبك (والدول الحليفة لها من خارج الأوبك) ستكون في حاجة إلى خفض إنتاجها من النفط بعد مارس 2002 وربما قبل ذلك إذا تبين أن التباطؤ في الاقتصاد العالمي أسوأ مما هو متوقع.

ثالثاً: أن ارتفاع أسعار النفط على النحو المشار إليه يكون بذلك قد ساهم في إضعاف الطلب العالمي على النفط من ناحية ، وربما يكون أيضاً قد ساعد على تعزيز نجاح جهود التنقيب عن النفط خارج دول الأوبك ، إضافة إلى تشجيعه لمساعي البحث عن البدائل ، وكل ذلك يصب في محصلة أن الدفاع عن الأسعار بعد عام 2002 لن يكون سهلاً على الأوبك كما كان في العامين الماضيين.

رابعاً: أن معدلات الفائدة على الدولار والعملات الأخرى كاليورو والإسترليني ستكون أقل في الشهور القادمة مما كانت عليه في النصف الأول من العام 2001 .. وأن إجراءات البنوك المركزية وخاصة بنك الاحتياطي الأمريكي لخفض معدلات الفائدة لن تتوقف ، وهذا يعني أن معدلات الفائدة على الريال ستكون في النصف الثاني من العام 2001 أقل مما كانت في النصف الأول بحيث قد ينخفض سعر مصرف قطر المركزي عن 4 بالمائة بعد أن كان عند بداية السنة في حدود 6.65 بالمائة ، وهذا التوقع يحمل أخباراً غير سارة لأصحاب الودائع ، ولكنه قد يحمل في المقابل أخباراً جيدة للمقترضين إذا ما انخفضت فوائد الاقتراض على النحو المرجو.

خامساً: أن استمرار التباطؤ في الاقتصاد العالمي خلال الشهور الثلاثة القادمة على الأقل يعني أن الاستثمار في الأسواق العالمية يحمل في طياته مخاطر محتملة ، ولا يبدو جذاباً بالقدر الكافي ، وبالتالي فإن انخفاض العوائد المصرفية يجب ألا يكون حافزاً للاندفاع للاستثمارات الخارجية. وقد قلت هذه الملاحظة في مقال سابق قبل نحو خمسة شهور ، ولا زالت النصيحة قائمة ، ومن لا يصدق فليتابع المؤشرات الاقتصادية العالمية.