الاقتصاد والتجارة .. عهد جديد وآمال واسعة

الحدث الأهم الذي عاشته قطر مع نهاية الاسبوع الماضي على الصعيد الاقتصادي هو الاعلان عن فصل الاقتصاد والتجارة عن وزارة المالية وتعيين الشيخ حمد بن فيصل وزيرا جديداً للاقتصاد والتجارة . ورغم أن الحدبث عن فصل الوزارتين قد شاع بين الناس منذ الصيف الماضي لدواعي رغبة السلطات العليا في تنشيط القطاع الخاص، الا أن البعض نظر الى الموضوع من زاوية تكريم الشيخ حمد بن فيصل لعطائه المتميز واداؤه الجيد في التحضير والاعداد لمؤتمر التجارة العالمي في الدوحة في شهر نوفمبر الماضي، فضلاً عما يتمتع به من صفات حميدة وما اكتسيه من مهارات عديدة على مدى سنوات عمله الممتدة ما بين الديوان الاميري والجمارك ووزارة المالية والاقتصاد والتجارة . ولأنه لا جدال في صحة ما قيل عن الشخ حمد بن فيصل ويشهد له بأكثر من ذلك كل من عرفه عن قرب ، فإن تعيينه بالذات على رأس وزارة الاقتصاد والتجارة قد قوبل بالابتهاج والسرور والأمل في أن يكون ذلك فاتحة خير على البلاد والعباد.
* * * * * * * * * * * * * *
وتواجه الوزير الجديد مهمة عاجله تتلخص في فصل الادارات التابعة للاقتصاد والتجارة عن وزارة المالية وما يتبع ذلك من ضرورة مراجعة القوانين واللوائح التنظيمية لتعديلها بما يتفق مع الوضع الجديد، والإنتقال إلى مبنى جديد، وما إلى ذلك من مهام إدارية وتنظيمية.
وسيواجه الوزير بعد ذلك السؤال الصعب الذي يطرحه نفسه منذ مدة في كيفية تنشيط القطاع الخاص، فالمعروف أن القطاع العام في قطر حقق منذ منتصف التسعينيات معدلات نمو مرتفعة جداً في إطار عمليات تطوير حقول النفط والغاز وإقامة مجمعات تسييل الغاز وتصنيع البتروكيماويات. وفي حين بلغت الإستثمارات في هذا القطاع نحو 30 بليون ريال خلال السنوات الماضية فإن وزير الطاقة والصناعة يتوقع أن يتم إستثمار مبلغ 70 بليون ريال أخرى في هذا القطاع في غضون السنوات الخمس القادمة. وفي المقابل فإن القطاع الخاص قد حقق في السنوات الماضية نمواً محدوداً. وتظهر أرقام مجلس التخطيط عن الناتج المحلي الإجمالي في الفترة 1998 – 2000 ما يلي:
· أن قطاع البناء والتشييد قد سجل تراجعاً في النمو في الثلاث سنوات المشار إليها على التوالي، وأن ناتج هذا القطاع قد إنخفض من 2873 مليون ريال في عام 1997 إلى مستوى 2020 مليون ريال فقط في عام 2000 أي بنسبة إنخفاض مقدارها300% .
· أن ناتج قطاع التجارة والمطاعم والفنادق قد إرتفع من مستوى 3162 مليون ريال في عام 1998 إلى مستوى 3250 مليون ريال فقط في عام 2000 أي بنسبة نمو مقدارها 2.8% في ثلاث سنوات، وتعزى معظم هذه الزيادة إلى ارتفاع ناتج المطاعم والفنادق، أما ناتج التجارة فقد سجل تراجعاً في تلك الفترة، ومما يؤكد ذلك أن حجم التسهيلات الائتمانية الممنوحة للتجارة قد انخفضت في ديسمبر 2001 إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1995.
· أن ناتج قطاع الزراعة والصيد قد إنخفض في عام 2000 بما نسبته 8.6% إلى مستوى 265 مليون ريال عما كان علية في عام 1996.

والنمو الذي حدث في قطاعات غير نفطية كان مرده التأثير الجانبي للنمو الكبير في قطاع النفط والغاز سواء في ذلك قطاع الصناعة التحويلية أو النقل والمواصلات أو الكهرباء والماء، أما أنشطة القطاع الخاص الخالصة فقد عانت من ركود شديد وانعكس ذلك سلباً على الأوضاع المالية للتجار والمقاولين فأفلس بعضهم ووقف البعض الآخر عاجزاً عن التطور والنمو ومجارات ما يتطلبه عصر تحرير التجارة العالمية من قوة وقدرة على المنافسة.
وعلى ذلك فإن المطلوب من وزارة الإقتصاد والتجارة في عهدها الجديد، الشيء الكثير حتى تتمكن من تنشيط وتفعيل النشاط الخاص في البلاد في قطاعي التجارة والتشييد والبناء أولاً ثم في بقية القطاعات الأخرى كالصناعات الخفيفة والمتوسطة ثانياً.. ولكي تتمكن الوزارة الجديدة من ذلك لا بد أن تبحث في أسباب الإنكماش والتراجع حتى تضع الحلول المناسبة على أسس سليمة ومناسبة ومدروسة وهناك الكثير مما يمكن الحديث عنه في هذا المجال وقد نعود إليه في متابعات قادمة أخرى بإذن الله تعالى.
فإلى اللقاء..