تأملات أولية في الموازنة العامة

رغم أن المعلومات التي أدلى بها سعادة وزير المالية للصحف المحلية يوم أمس عن مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2002/2003 تبدو قليلة ومحدودة، إلا أن الصورة العامة للموازنة في السنوات الماضية وما هو معلن من بيانات عن إنتاج قطر من النفط والغاز وأسعارهما الحالية والمتوقعة للسنة القادمة تكاد جميعها تساعد في إعطاء صورة أولية وتقريبية عن الملامح المنتظرة للموازنة العامة للدولة والتي يبدأ العمل بها إعتباراً من الأول من إبريل 2002.
· وكان ما قاله سعادة الوزير لصحيفة الشرق إن حجم مشروع الموازنة الجديدة لن يقل عن الموازنة الحالية 2001/2002 التي يتوقع لها الوزير أن تكون متوازنة بدون عجز أو فائض ومعنى ذلك أن حجم المصروفات في الموازنة الجديدة سيكون في حدود 17.6 مليار ريال..
· وقال الوزير أيضاً ما معناه أن الموازنة الجديدة ربما تكون خالية من أي عجز وأن هناك نسب عجز مقبوله دولياً لا تتجاوز 3% من إجمالي الناتج المحلي الذي بلغ نحو 60 مليار ريال في عام 2001
ويفهم من ذلك أن الايرادات المتوقعة ستقل عن المصروفات في حدود 1.8 مليار ريال أي أنها ستكون في حدود 16مليار ريال، وذلك ينسجم مع إنخفاض حصة دولة قطر من النفط وفقاً لمقررات الأوبك مع احتمال إنخفاض أسعار النفط عام 2002 إلى مستوى 18 دولاراً للبرميل في المتوسط مما يعني أن الوزارة ستعمل على إعتماد سعر 15 دولار للبرميل بدلاً من 16.5 دولار في السنة المالية على سبيل الإحتزاز. المعروف أن صادرات الغاز المسال تكاد تكون ثابتة فوق مستوى 12.5 مليون طن سنوياً، إلا أن أسعار الغاز المسال ستنخفض في السنة الجديدة تمشياً مع إنخفاض أسعار النفط..
وفيما يتعلق بالمصروفات فإن ثباتها حول مستوى 17.6 مليار ريال يحمل في طياتة المعاني التالية:
1. أن مخصصات الرواتب والأجور التي تراوحت في السنوات الخمس الماضية ما بين 5-6 مليار ريال، ستظل عند هذا المستوى ونقدر لها أن تكون في حدود 5500 مليون ريال.
2. أ، مخصصات المشروعات الرئيسية التي بلغت نحو 3160 مليون ريال في موازنة العام الحالي لن تقل عن هذا المستوى في الموازنة الجديدة بسبب ما تم الارتباط به من مشروعات ومنها:
* مخصصات مطار الدوحة الجديد الذي تقرر له 1840 مليون ريال يصرف منها في موازنة العام الحالي نحو 300 مليون ريال.
* مشروع المنطقة الصناعية الجديدة.
* مشروع معالجة النفايات الصلبة.
* استكمال منشآت إسكان كبار الموظفين والمساكن الشعبية.
* استكمال خطة بناء المدارس الجديدة.
3. أنه بالنظر إلى أن فائض الموزانة في العامين الماضيين قد تم استخدامه في سداد جانب من الدين العام ، فإن مخصصات فوائد الديون ستكون أقل خاصة مع تراجع معدلات الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة ، وبالتالي فإن المتوقع أن تنخفض مخصصات المصروفات الجارية إلى أقل من سبعة مليارات ، وتوجه باقي المخصصات ، وهي في حدود المليار ريال إلى باب المصروفات الرأسمالية الثانوية.

وعلى ذلك فإن موازنة عام 2002/2003 لا تكاد تختلف كثيراً عن موازنة العام الحالي إلا من حيث أن انخفاض أسعار النفط والغاز ، وانهفاض كمية النفط المتوقع إنتاجها سوف يؤدي إلى تراجع الإيرادات بأكثر من 2000 مليون ريال ، وأن ذلك سيؤدي إلى اختفاء الفائض المتوقع في موازنة العام الحالي ، وتحوله إلى عجز مالي محدود خاصة مع انخفاض مخصصات فوائد الدين العام التي تندرج في العادة تحت باب المصروفات الجارية. وعلى أي حال تظل هذه التأملات أولية في مضمونها ، وسنعود إلى هذا الموضوع ثانية إن شاء الله عند صدور الموازنة العامة للدولة بعد عدة أسابيع.