رغم أن الوقت لا يزال مبكرا للحديث عن اتجاهات الاقتصاد العالمي في عام 2002 ، إلا أن الصورة العامة في هذا الوقت من السنة وبعد إنقضاء شهر يناير لا تبدو مشجعة أو مطمئنة. ومن يتابع الموشرات والأرقام الاقتصادية في الدول الصناعية الرئيسية يجد الآتي:
· أن الإقتصاد الياباني وهو ثاني أكبر إقتصاد في العالم لا يزال ممعناً في الركود، وأظهرت الأرقام التي صدرت في الاسبوع الماضي تراجع الفائض التجاري الى أدنى مستوى له منذ ثمانية عشر عاماً.
· أن الصورة في أوروبا لا تبدو مشرقة بعد أن تباطأ الإقتصاد البريطاني في الربع الرابع من عام 2001 ونما بمعدل 0.1% فقط ليلحق بالإقتصاد الألماني الذي سبقه الى الركود.
· إن الإقتصاد الأمريكي وهو قاطرة الإقتصاد العالمي لا يبدو أنه سيخرج سريعاً من حالة الركود التي دخل إليها في الربع الثاني من عام 2001 رغم كل ما يقال عن تحسن بعض المؤشرات. فالإقتصاد الأمريكي الذي شهد إنتعاشاً طويلاً على غير العادة من عام 1992-2000 يحتاج إلى فترة راحة ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام قبل أن يعود إلى الإنتعاش مرة أخرى. وقد أدرك محافظ البنك المركزي الأمريكي هذه الحقيقة مع نهاية عام 2000 وراح يبذل قصارى جهده من أجل تقليص فترة الركود عن طريق خفض معدلات الفائدة على الدولار بشكل غير مسبوق إلى أن وصلت إلى أدنى مستوى لها في أربعين عاماً. إلا أن هذا التخفيض لم يكـن كافياً بمفرده لعودة الإقتصاد الأمريكي للإنتعاش. وأتوقع لذلك أن يعمد البنك ( أي مجلس الإحتياط الفدرالي ) إلى الإبقاء على معدلات الفائدة بدون تغيير عند إجتماع لجنة السوق المفتوحة يومي الثلاثاء والأربعاء من هذا الأسبوع.
إن تزايد معدلات البطالة وتراجع أرباح الشركات في الولايات المتحدة يعملان معاً على إضعاف الإنفاق الإستهلاكي داخل الولايات المتحدة، فإذا ما أضيف إلى ذلك تراجع الطلب الخارجي بسبب ركود إقتصاديات الدول الصناعية الأخرى وارتفاع سعر صرف الدولار فإن المحصلة النهائية ستكون في إستمرار حالة الركود في الولايات المتحدة. وفي ظل التوجهات الحالية للإدارة الأمريكية فإن الأمور الإقتصادية لن تكون على ما يرام حيث عادت الميزانية العامة لتحقق عجزاً كبيراً بعد أن تمكنت الإدارة السابقة من تحويل العجز إلى فائض في سنوات حكمها الأخيرة.
في ظل هذه الأجواء التي يمر بها الإقتصاد العالمي لا عجب أن نجد أسواق الأسهم العالمية في حالة ضعف، حيث ترتفع في بعض الأيام ثم ما تلبث أن تعود إلى الإنخفاض ثانيةً. ورغم إستقرار أسعار النفط في شهر يناير الحالي بتأثير إتفاق المنتجين على خفض الإنتاج وبسبب الزيادة في الطلب على النفط فصل الشتاء إلا أن ذلك لا يعكس الوضع الحقيقي، وسرعان ما ستعود الأسعار إلى الإنخفاض إلى ما بين 16 – 18 دولار للبرميل في الربع الثاني من العام الحالي.
ويبدو الإستثمار في العقارات المحلية والخارجية كأفضل البدائل المتاحة أمام المستثمرين في ظل الإنخفاض الشديد في معدلات الفائدة المصرفية.