يجد كثير من الناس أنفسهم في مأزق حقيقي إزاء هذا الانخفاض غير المسبوق في معدلات العائد على الودائع ليس على الريال القطري فقط وإنما على ودائع الدولار وإلى حد ما على العملات الأجنبية الأخرى ، إذ أن الفائدة على الدولار لم تنخفض إلى هذا المستوى المتدني جداً منذ أربعين عاماً .. ومن يطالع الجداول المنشورة في الصحف اليومية عن أسعار الفائدة على العملات الأجنبية والعالمية يجد أن معدل العائد على الدولار لسنة واحدة يصل إلى 2% ، وهو دون ذلك على الفرنك السويسري ، ولا يساوي شيئاً على الين الياباني.. ويزيد المعدل قليلاً على العملات الخليجية عن 2% بحيث يصل على الريال إلى 2.5% وعلى الريال السعودي إلى 2.75%.
وتنخفض معدلات الفائدة على الودائع للفترات الأقل من سنة بحيث تتراوح ما بين 1.56% إلى 1.88% لفترة الشهر الواحد من مختلف العملات المشار إليها. وتشذ معدلات الفائدة على الجنيه الاسترليني عن هذه القاعدة حيث تتراوح ما بين 3.9% – 4.3% ، وتقل مثيلاتها على اليورو عن 4%.
وعند هذه المستويات المتدنية جداً فإن عائد الودائع يكاد بالكاد أن يغطي مصاريف الزكاة السنوية المقدرة بـ 2.5% على الأموال السائلة .. وذلك ما يجعل المودعين في حيرة من أمرهم ، خاصة أولئك الذين يعتمدون في تصريف أمور حياتهم المعيشية على العائد المتحقق على مدخراتهم المالية ، فماذا يفعلون ، وقد بات ذلك العائد لايسمن ولا يغني من جوع ؟!
وإزاء هذا الوضع الإستثنائي، تتفاوت مواقف الناس، فالبعض منهم يتمسك بإبقاء أمواله في البنوك خوفاً عليها من الضياع في مجازفات غير مأمونة ولا مضمونة كما حدث لآخرين في السنة الماضية. ويخاطر البعض الآخر بتحويل أمواله إلى ودائع بالعملات ذات العائد الأفضل كالجنيه الإسترليني مع ما في ذلك من مخاطر إنخفاض سعر الصرف مقابل الريال.. ويقبل فريق ثالث بمخاطر أكبر تتمثل في سحب جزء من الأموال على الأقل لإستثمارها بشكل مباشر في سوق الأسهم المحلية ، وقد أبلى البعض منهم بلاءاً حسناً في الشهور القليلة الماضية ، وحقق مكاسب عالية جداً. إلا أن إدارة الاستثمار في مجال الأسهم تحتاج إلى خبرة ودراية من جانب المتخصصين الذين يعرفون أكثر من غيرهم أوضاع الشركات صاحبة الأسهم ، وما يجري من تحركات في السوق ، مما يجعلهم في موقع أفضل للشراء أو البيع في الوقت المناسب .. وقد حدث أن ارتفع مؤشر سوق الدوحة في عام 1998 من مستوى 117 نقطة إلى نقطة إلى مستوى 144 نقطة في غضون شهرين ثم ما لبث أن انخفض بشدة بعد ذلك .. وفي نيويورك ارتفع مؤشر النازداك في عام 1999 بنحو 82% وواصل ارتفاعه في شهري يناير وفبراير من عام 2000، ولكنه ما لبث أن تراجع بعد ذلك وخسر كل مكتسباته وأكثر منها ما بين عامي 2000 و 2001..
وقد تكرر هذا الأمر مع مؤشر نيكاي في طوكيو الذي سبق أن وصل في عام 1987 إلى مستوى 36000 نقطة إلا أنه هبط بشكل دراماتيكي في مناسبات عديدة، وهو الآن يتأرجح حول مستوى 10.000 نقطة فقط.
***********
هذا الإرتفاع والإنخفاض في أسعار الأسهم ومؤشراتها تعرفه جميع أسواق الأسهم بدون إستثناء، ويعرفه الكثير من المستثمرين الذين يجدون أنفسهم اليوم في حيرة من أمرهم ما بين الإبقاء على أموالهم في هذه السوق الرائجة أو يعيدونها إلى حساباتهم في البنوك.
إزاء هذا الوضع يجدر التساؤل عما لحق بقانون صناديق الإستثمار الذي صدر خلال العام الماضي ولم يجد طريقة بعد للتطبيق العملي، حيث تبدو الفرصة مناسبة الآن وفي هذا الوقت بالذات لإنشاء مثل هذه الصناديق بما يحقق عائد أفضل على المدخرات للقطريين والمقيمين على السواء، وبما يعطي الإستثمار المحلي في مجال إنشاء المزيد من الشركات المساهمة دفعة قوية إلى الأمام.