لم يكن قانون الدين العام الذي أصدره هذا الأسبوع سمو نائب الأمير وولي العهد تحت رقم (18) لسنة 2002م بالقانون الجديد وإنما هو تعديل لقانون قائم أصدره حضرة صاحب السمو الأمير المفدى في يناير عام 1998م ويحمل رقم (1) لسنة 1998م بشأن الدين العام.. وما بين صدور القانون الأول لعام 1998م والقانون المعدل لعام 2002م تغيرت الظروف المالية والاقتصادية في دولة قطر إلى الأفضل وتغيرت معطيات أخرى في مجال السياسة النقدية مما استوجب اجراء بعض التعديلات على النحو الذي صدر به القانون..
لقد صدر القانون أول مرة في عام 1998م بهدف تمكين الحكومة من مواصلة الاقتراض لتوفير الأموال اللازمة لسد العجز في الموازنة العامة وتمويل حصة دولة قطر في مشروعات التنمية الاقتصادية. وكانت الحكومة قد اقترضت قبل صدور ذلك القانون بلايين الريالات من البنوك المحلية اضافة إلى قروض أخرى بمئات الملايين من الدولارات من بنوك خارجية، وكان الانخفاض الحاد في أسعار النفط مع بداية عام 1998م السبب المباشر في الاسراع بصدور القانون تحسباً لحدوث المزيد من التدهور في الايرادات العامة..
وقد أعطى قانون الدين العام للحكومة امكانية الحصول على المال اللازم مقابل اصدار سندات مالية (أو أوذنات)، وهذه السندات تمتاز عن القروض المباشرة في أنها آدوات استثمارية، وأنها قابلة من حيث المبدأ للتداول ويمكن لمالكها أن يبيعها أو يرهنها، كما يمكن للبنوك التي تملكها أن تخصمها لدى البنك المركزي أو تستخدمها في لحصول على المال اللازم لفترات قصيرة ضمن ما يعرف باتفاقيات اعادة الشراء، وهي بذلك تشكل آداة من أدوات السياسة النقدية غير المباشرة.
وخلال السنوات الماضية قام المصرف باصدار سندات بالريال القطري داخل قطر واقتصر الاكتتاب فيها على عدد من البنوك المحلية بلغ سبع بنوك، وتراوحت قيمة الاكتتاب ما بين 2 مليار ريال كما في الاكتتاب الأول في يونيو 1999م وأربعة مليارات كما في الاكتتاب الثاني، وبلغت قيمة الاكتتاب الرابع والأخير 2 مليار ريال في شهر يونيو الماضي بفائدة 5%، في حين أنها كانت بفائدة 7.75% في الاكتتاب الأول. وبموجب قانون الدين العام لعام 1998م قامت وزارة المالية أيضاً باصدار سندات دولارية خارج قطر مرتين.
وما بين عام 1998م – 2002م تبدلت الظروف الاقتصادية والمالية كثيراً وحققت الموازنة العامة فائضاً في السنوات الماضية ولم تعد الحكومة بحاجة إلى مزيد من الاقتراض إلا لتمويل مشروعات جديدة أو لسداد قروض سابقة أو لاستبدال سندات ذات فائدة مالية عالية بأخرى أقل، وهو ما يدخل ضمن السياسة المالية للحكومة.. ومنذ عام 2001م أطلق مصرف قطر المركزي عمليات إعادة الشراء (الريبو) مع البنوك التي لديها سندات حكومية قطرية مضيفاً بذلك آداة جديدة إلى الأدوات المتاحة لديه في توجيه السياسة النقدية، ولكن بالنظر إلى محدودية عدد البنوك التي لديها سندات حكومية فإن تأثير هذه الآداة ظل جزئياً، وإن كان من المؤمل أن يتطور الأمر مستقبلاً بزيادة عدد البنوك المالكة للسندات.
الجديد الذي حمله القانون المعدل رقم (18) لسنة 2002م ما يلي:
• أن الحد الأقصى لمدة السندات قد تضاعف إلى ما لا يزيد عن 30 سنة وكان لا يزيد عن 15 سنة فقط في القانون السابق. المعروف أن آجال السندات قد تكون متوسطة الأجل وتتراوح ما بين 3 إلى 5 سنوات أو طويلة الأجل وتزيد عن 7 سنوات، أما الأوذنات فهي قصيرة الأجل ولا تزيد عن سنة.
• أن السند يمكن أن يكون لحامله وليس اسمياً فقط.
• أن المكتتب في أوراق الدين العام يمكن أن يكون قطرياً أو أجنبياً مقيماً في الدولة أو خارجها.
• أن أوراق الدين العام تطرح للاكتتاب دون أن يكون ذلك حصراً على البنوك وشركات الاستثمار كما في القانون السابق..
وقد حمل القانون المعدل تعديلات أخرى طفيفة على مواد القانون المختلفة استلزمتها إعادة الصياغة القانونية للنصوص بما يتماشى مع الواقع.
وقانون الدين العام يجيز للأفراد تملك السندات الحكومية حيث يمكن لبعض البنوك التي لديها اتفاق مع المصرف المركزي أن تكون وكيلاً عنه في بيع جزء من سنداتها للجمهور بالأسعار التي تحددها تلك البنوك.. ولأن سعر الفائدة لآخر إصدار قد بلغ 5% فإن هناك مصلحة المستثمرين في اقتناء تلك السندات المضمونة القيمة، إلا أن إرتفاع القيمة السوقية للسند يقلل من نسبة الفائدة.