الاتحاد الجمركي الخليجي .. مفاهيم واستنتاجات

كان الإعلان عن قيام الاتحاد الجمركي اعتباراً من الأول من يناير 2003م من بين أهم الثمرات الاقتصادية التي أسفر عنها مؤتمر قمة دول مجلس التعاون الخليجي هذا الأسبوع. ورغم أن قيام الاتحاد الجمركي كان نتيجة للقرارات سابقة ومفاوضات شاقة بين الدول المعنية على مدى السنوات الإحدى والعشرين الماضية منذ قيام مجلس التعاون نفسه ، إلا أن مؤتمر القمة الأخير بالدوحة كان كمن أزاح الستار رسمياً عن المشروع وأعطاه انطلاقته التي لا رجعة بعدها.
وكما هو مفهوم للكثيرين ، فإن إعلان دول المجلس كمنطقة اتحاد جمركي يعني ما يلي:
1. أن البضائع الأجنبية الواردة من خارج المنطقة إلى إي منها يتم تحصيل رسم جمركي عليها بواقع 5% فقط عند دخولها لأول مرة باستثناء البضائع المعفاة في الأصل من الرسوم.
2. أن انتقال البضاعة بين دول المجلس لن يستلزم دفع رسوم جمركية باعتبار أن هذه البضاعة إما خليجية المنشأ ، وهي بالتالي معفاة من الرسوم بالكامل ، أو أنها أجنبية وسبق أن تم تحصيل الرسوم عليها عند دخولها المنطقة الجمركية الموحدة (أي إلى ميناء خليجي آخر). وعلى ذلك فإن البضائع الواردة عبر موانئ قطر إلى داخل البلاد سوف يدفع عنها المستوردون رسماً جمركياً بواقع 5% ، أي بزيادة 1% عن الرسم المعتمد حالياً ومقداره 4%. وهناك نقطة غير واضحة في الموضوع تتعلق برسوم تصديقات فواتير الواردات وشهادات المنشأ التي كانت تحصلها وزارة الخارجية عن البضائع التي تزيد قيمتها عن 5000 ريال قطري .. فهل تم دمج هذه الرسوم في رسوم الجمارك الجديدة (أي الـ 5%) أم أنه سيستمر تحصيلها من المستوردين ولا علاقة لها بالرسوم الجمركية؟!
وفيما يتعلق بالنقطة الثانية وهي حركة البضاعة الأجنبية المنشأ بين دول المجلس ، فإن هيئة الجمارك قد أوضحت أن على المستوردين طلب شهادات جمركية صادرة عن دول مجلس التعاون تفيد بأن البضاعة القادمة من تلك الدول قد تحصل عنها رسوم جمركية بواقع 5% ، وهذه الشهادة ضرورية للمستورد حتى يتجنب دفع الرسم الجمركي المدفوع سابقاً ويتحاشى بالتالي الازدواج الضريبي ، ومهمة لهيئة الجمارك حنى تتمكن الهيئة من تحصيل قيمة الرسم الجمركي من الدولة التي دخلت إليها البضاعة أولاً ، وذلك ضمن إجراءات المقاصة التي ستحدث بين دول المجلس لتسوية المبالغ المستحقة لكل دولة من الأخرى عن البضائع التي دخلت إلى كل منها من الأخرى. ومن الواضح أن وصول الطرد بدون هذه الشهادة سوف يؤدي قيام المستورد المحلي بدفع الرسم الجمركي ويخسر بالتالي مبالغ مالية إضافية ويحرم المستهلكين المحليين من إمكانية خفض السعر النهائي للسلعة ، ويدفعني ذلك إلى التأكيد على أهمية هذه النقطة حتى يشعر الناس بمنافع قيام الاتحاد الجمركي بين دول المجلس..
وللاتحاد الجمركي منافع أخرى لا تقتصر فقط على خفض التكاليف ، وبالتالي أسعار السلع المستوردة من الخارج ، وإنما أيضاً تشجيع وزيادة حركة التجارة بين دول المجلس ، وتعزيز القدرة التفاوضية للمستوردين في مواجهة العالم الخارجي ، وتحسين الشروط التجارية التي تحصل عليها دول المنطقة من التكتلات الاقتصادية الأخرى كدول الاتحاد الأوروبي .. وبالإضافة إلى ما تقدم ، فإن قيام الاتحاد الجمركي يعد خطوة هامة على صعيد توحيد عملات دول المجلس في عملة خليجية واحدة بعد أن أمكن في السنوات الماضية تنسيق السياسات النقدية بين دول المجلس والاتفاق على مثبت مشترك لتلك العملات يتمثل في الدولار الأمريكي.