بين أرباح المساهمين وأصحاب الودائع في البنوك الاسلامية

الحديث عن البنوك وفوائدها وأرباحها يكاد لا ينتهي ، ويستقطب اهتمام غالبية الناس على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون وفي المجالس والديوانيات وعبر الهاتف أيضاً. وعلى سبيل المثال فإن توصية مجلس إدارة بنك قطر الدولي الإسلامي بتوزيع أرباح على المساهمين بواقع 35% من القيمة الاسمية للسهم الواحد قد فاجأت المتعاملين في سوق الدوحة للأوراق المالية ورفعت قيمة السهم من أسهم البنك بنسبة 16% في أسبوع واحد وإلى ما يزيد عن 50% من قيمته منذ بداية العام. ولم يصدق أحد المساهمين نفسه وهو يسمع الخبر وراح يحسب غنائمه من الاستثمار الموفق في أسهم هذا البنك في سنة واحدة فقط .. ذلك أن الرجل قرر منذ عام الابتعاد عن الودائع البنكية التي بات عائدها لا يغطي ما عليها من زكاة واجبة ، واشترى بالمائة ألف ريال التي يملكها 2500 سهماً من أسهم بنك قطر الدولي الإسلامي بسعر 40 ريالاً للسهم الواحد ، فكانت النتيجة أنه وجد نفسه مع نهاية العام بحاجة إلى نصيحة استثمارية عاجلة:
1. فهل يحصل على ما مقداره 50 ألف ريال أي بعائد 50% على استثماراته إذا ما باع الأسهم فوراً في السوق بالسعر الحالي الذي يزيد قليلاً عن 60 ريالا للسهم الواحد؟
أو:
2. أن يحصل على عائد مؤجل غير محدد القيمة في الوقت الراهن إذا ما قرر الاحتفاظ بالأسهم حتى توزيع الأرباح علىالمساهمين في غضون شهرين أو ثلاثة ، ورغم أنه سيحصل على عائد نقدي مضمون مقدارة 2500 ريال ونحو 625 سهماً مجانيةً ، إلا أنه لا يعرف ما إذا كان سعر السهم في السوق سينخفض عندها أم سيبقى على ما هو عليه الآن؟
وسواء قرر المستثمر بيع الأسهم أو الاحتفاظ بها ، فإن العائد لديه لن ينخفض عن 25% أو ما يعادل 25 ألف ريال حتى لو انخفض سعر السهم في السوق بعد توزيع الأرباح إلى 40 ريالاً للسهم كما كان عند بداية العام.
وعلى النقيض من صاحبنا هذا ، فإن المودع الذي احتفظ بوديعة مماثلة لدى نفس البنك منذ عام يجد نفسه في وضع أسوأ بكثير إذ أن قصارى ما يتمناه الآن هو الحصول على عائد في حدود 3000 ريال فقط أو بنسبة 3% إن لم يكن أقل ..
والواقع أن الاستثمار في الأسهم قد أصبح منذ عام 2001م أفضل بكثير من عائد الودائع البنكية. ومع ذلك ، فإن المودعين لدى البنوك الاسلامية على وجه الخصوص يعتبرون أنفسهم شركاء في المضاربات الاسلامية ويتوقعون أن ترتفع أرباحهم بارتفاع أرباح البنوك الاسلامية لا أن تنخفض. الجدير بالذكر أن عائد الودائع لدى بنك قطر الدولي الاسلامي قد انخفض في العام الماضي إلى 4% مقارنة بـ 7% في العام الأسبق ، وذلك في الوقت الذي ارتفعت فيه الأرباح الموزعة على المساهمين إلى 25% من 17% ، ومن هنا فإن رفع النسبة هذا العام إلى 35% ينذر بخفض أرباح المودعين إلى ما نسبته 3% أو أقل على نحو ما توقعت في مقال سابق في هذه الزاوية بتاريخ 16/1/2002م.
إن البنوك الاسلامية لم تحاول على مدى العامين الماضيين الاستفادة من الظروف الاستثنائية في خلق وضع مميز لها عن البنوك التجارية ، بحيث تبتعد عما تقرره تلك البنوك من معدلات فائدة على الودائع أو على القروض ، لتقترب بذلك من جوهر العمل المصرفي الاسلامي. وهكذا ، فإن تأخير تحديد العائد على الودائع إلى نهاية العام لم يؤد إلى مفاجآت غير متوقعة في احتساب ذلك العائد ، وإنما تم احتسابه استناداً إلى سعر الفائدة السائد في السوق خلال عام 2002م.