رغم مخاطر الحرب .. الريال يبقى على ثباته مقابل الدولار

إذا كنت تسأل عن اقتصاد أي بلد فابحث في أحوال عملته الوطنية ، ذلك أن سعر صرف أي عملة هو بحق ترمومتر الحياة الاقتصادية فيها، ومن خلال ما يطرأ على هذا السعر من تغير بين فترة وأخرى نستطيع أن نفهم حقيقة ما يجري في اقتصاد هذا البلد.
ويتمتع الاقتصاد القطري بعملة وطنية ثابتة في معدل صرفها أمام الدولار منذ عام 1980م رغم ما مرت به المنطقة من حولنا من حروب واضطرابات وقلاقل. ورغم أن سعر صرف الريال كان ثابتاً أمام الدولار بقرار من السلطة النقدية ، إلا أن المعطيات الاقتصادية في قطر قد ساهمت على الدوام في تحقيق هذا الثبات على أرض الواقع ، ولم يضطر المصرف المركزي يوماً للدفاع عنه كما فعلت بنوك مركزية أخرى كثيرة ، فالريال القطري يتمتع باحتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي تزيد عن ضعف النقد المصدر في أي لحظة ، وبالاضافة إلى ذلك ، فإن أرقام الميزان التجاري والحساب الجاري كانت تعمل معظم الوقت على دعم سعر صرف الريال أمام الدولار. وحتى عندما زادت المديونية العامة في قطر في النصف الثاني من التسعينيات وتجاوزت في عام 2001م ما نسبته 100% من الناتج المحلي الاجمالي ، فإن ذلك لم يؤثر على سعر صرف الريال بالنظر لما تتمتع به المشروعات المقترضة من مصداقية كبيرة وقدرة على سداد مديونياتها في وقت معقول لارتباط معظمها بعقود بيع طويلة الأجل لمنتجاتها.
واليوم وأجواء الحرب على العراق تطل على المنطقة من جديد بكل تداعياتها المحتملة وانعكاساتها السلبية على اقتصادات الدول الخليجية ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كان لهذا الحدث الأخطر في تاريخ المنطقة منذ عام 1991م أية تأثيرات سلبية على سعر صرف الريال ؟ والجواب القاطع على ذلك بالنفي ، ذلك أن العلاقة الثابتة للريال مع الدولار بموجب المرسوم بقانون الذي صدر في عام 2001م تجعل الاستثمارات بالريال القطري بمأمن من عواقب النتائج المحتملة لتلك الحرب ، وذلك طالما حافظ مصرف قطر المركزي على التغطية الممتازة للنقد المصدر من ناحية ، وطالما ظلت مجاميع الاقتصاد القطري موجبة سواء في ذلك الميزان التجاري أو الحساب الجاري ، وهي أمور لا نشك في استمرارها حدوثها .
وبالنظر إلى أن سعر الفائدة على الدولار حالياً عند أدنى مستوياتها في التاريخ المعاصر وستظل كذلك على الأرجح طيلة عام 2003م ، فإن التحول عن الريال إلى الدولار في مثل هذه الظروف يبدو رهاناً خاسراً لا يقدم عليه أحد.
على أنه مما يزيد الثقة في ثبات سعر الريال خلال الأسابيع القادمة هو ما يمكن تصور حدوثه من تدفق مزيد من الأموال على السوق القطرية من جانب الأموال المهاجرة ومن دول خليجية أخرى وخاصة من الكويت ، الأمر الذي سيساعد في زيادة أسعار الاستثمارات المحلية. وقد لمسنا شيء من هذا القبيل في الأسابيع الماضية عندما وصلت أسعار بعض الأسهم المحلية إلى مستويات قياسية ، رغم أن المنطق كان يقضي بانخفاض أسعار تلك الأسهم بعد موسم توزيع الأرباح السنوية ..
على أنه رغم الثبات المتوقع في سعر صرف الريال مقابل الدولار ، فإن أي تدهور في سعر صرف الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى سوف ينعكس سلباً على سعر الريال القطري مقابل تلك العملات ، وذلك أمر متوقع حدوثه خاصةً إذا طالت الحرب عن المتوقع وحدثت خسائر كبيرة بين الأمريكيين. ويضاف إلى ذلك أن معطيات الاقتصاد الأمريكي الراهنة ليست على ما يرام ويكفي أن نذكر في هذا السياق أن الولايات المتحدة قد سجلت في عام 2002 أضخم عجوزات في تاريخها سواء في ذلك الميزان التجاري أو الحساب الجاري اللذين تجاوز كل منهما الأربعمائة مليار دولار في عام 2002 بمفرده.