من يتابع مسيرة الجهاز المصرفي القطري يجد أن الجهاز في حالة توسع كمي وتطور نوعي مستمرين بما يتناسب مع النمو المتسارع الذي حققه الاقتصاد القطري في السنوات الأخيرة وبخاصة القطاع العام. وفي عام 2002م سجلت أرقام الجهاز المصرفي تطوراً مهماً بالمقارنة بما كان عليه الحال في عام 2001م ، ويهمني في متابعة اليوم التركيز على جانبين أساسيين في عمل الجهاز المصرفي وهما الودائع والتسهيلات الائتمانية.
فمن حيث الودائع نجد أنها قد زادت في عام 2002م بنسبة 3,9% إلى مستوى 8,45 مليار ريال ، وفي حين كان معظم الزيادة في السنوات السابقة يأتي من ودائع القطاع العام ، فإن ودائع القطاع الخاص هي التي ارتفعت بشكل ملحوظ في عام 2002م وبنسبة 6,10% لتصل إلى 1,27 مليار ريال ، وكانت الزيادة في ودائع القطاع العام محدودة وبنسبة 6,3% فقط إلى مستوى 7,8% . الجدير بالذكر أن الودائع لدى البنوك الاسلامية في قطر تشكل 14.6% من إجمالي الودائع لدى الجهاز المصرفي وهو ما يعادل 7,6 مليار ريال .
ومن جهة أخرى ارتفعت التسهيلات الائتمانية بنسبة 2% فقط في عام 2002م إلى مستوى 2,36 مليار ريال ، ورغم هذه الزيادة المحدودة ، فإن البيانات التفصيلية الواردة في نشرة مصرف قطر المركزي عدد ديسمبر 2002م تشير إلى تحولات هامة في موضوع التسهيلات نوجزها في الآتي :
1. أن التسهيلات المقدمة للأراضي قد ارتفعت بنسبة 150% إلى مستوى 1041 مليون ريال . وهذا التحول يفسر الارتفاع الذي طرأ على أسعار الأراضي في السنة الأخيرة .
2. التسهيلات المقدمة لقطاع التجارة قد سجلت زيادة بنسبة 8,16% أو نحو 680 مليون ريال إلى مستوى 7,4 مليار ريال بعد أن ظلت راكدة منذ عام 1996م وانخفاضها بنسبة 10% في عام 2001م.
3. أن التسهيلات المقدمة لقطاع الصناعة قد زادت بنسبة 3,54 % إلى مستوى 937 مليون ريال ، وكانت تسهيلات هذا القطاع قد ظلت راكدة في الفترة 1998 – 2000م وحققت ارتفاعاً مهماً في عام 2001م بلغت نسبته 5,44% .
4. أن القروض الشخصية المقدمة للأفراد قد زادت بنسبة 8% إلى مستوى 6,9 مليار ريال لتواصل نموها المضطرد سنوياً بعد توقف وتراجع محدود في عام 2001م .
5. أن تسهيلات الحكومة والقطاع العام قد ظلت مستقرة في عام 2002م حيث زادت بنسبة 7,1% فقط إلى مستوى 8,16 مليار ريال بعد زيادة نسبتها 55% في عام 2001م .
6. أن التسهيلات المقدمة لبعض القطاعات كالنقل والإنشاءات قد تراجعت في عام 2002م ، كما تدهورت التسهيلات الائتمانية المقدمة لجهات خارج قطر من 9,1485 مليون ريال في عام 2001م إلى مستوى 6,246 مليون ريال في عام 2002م .
7. أن حجم التمويلات المقدمة من البنوك الاسلامية بلغت 6,4 مليار ريال أو ما يعادل 6,12% من إجمالي التسهيلات الائتمانية للجهاز المصرفي .
وفي مقال الأسبوع الماضي تحدثت عن الرأي الآخر في موضوع تحديد العائد مقدماً . وقد سقط من المقال سهواً أو لاعتبارات فنية في الطباعة فقرة كبيرة ، يؤدي فقدانها إلى عدم وضوح الفكرة ولهذا أُعيدها هنا حتى يستقيم المعنى في ذهن القارئ :
إن اشتراط قدر معين من الربح لأحد طرفي المزارعة (أو المضاربة) قد يكون فيه غرر بطرف دون آخر . وهذه العلة وإن وُجِدَت في المضاربات المعتادة فإنها لا توجد في مضاربات البنوك الاسلامية حيث يكون البنك قادراً على تحديد معدلات أرباحه من المتمولين على ضوء معدلات الفائدة السائدة في السوق ، ويكون لدى البنك القدرة على تحصيل ديونه من المتخلفين عن السداد بقوة القانون ، ويستعين بالمخصصات من الأرباح في مواجهة حالات الإعسار ، بل إنه في حالة حدوث خسائر كبيرة غير متوقعة فإن البنك يحصل غالباً على مساندة كبيرة من البنك المركزي حتى يخرج من أزمته . هذه الاختلافات الجوهرية في العلة بين المضاربات بأشكالها المعتادة ومضاربات البنوك الاسلامية تُفقد القياس منطقه وعلته فلا يعد له معنى وبالتالي لا يمكن تعديته إلى مضاربات البنوك الاسلامية . وقد انتهيت في المقال إلى أنه لا يوجد ما يمنع تحديد العائد على رأس المال مقدماً ، بل هو جائز شرعاً ، وقد قال بعض العلماء بذلك وزاد الشيخ طنطاوي بأنه في زمن فسدت فيه الذمم أصبح التحديد أقرب إلى روح الاسلام وعدله .