هل يحدث إنكماش للأسعار في قطر عام 2003؟

ُتجمع البيانات الصادرة عن إدارة الإحصاء بمجلس التخطيط على أن هناك تراجعاً مستمراً في معدل التضخم أي معدل التغير في الرقم القياسي للأسعار ، الذي يقيس مدى إرتفاع أو إنخفاض أسعار السلع والخدمات في قطرسنة بعد أخرى . وقد انخفض المعدل من 4.9% في عام 1997 إلى 2.9% عام 1998 ثم إلى 2.2% في عام 1999 . وهبط المعدل عام 2000 إلى 1.7% ثم إلى1.4% عام 2001 ، وإلى أقل من واحد بالمائة عام 2002 ، فما هي أسباب هذه الظاهرة ؟ وما تأثيراتها على الإقتصاد المحلي ؟ وماهي إحتمالاتها المستقبلية ؟
يمكن القول إن لتراجع المعدل في قطر عدة أسباب بعضها خارجي ومنها تراجع معدلات التضخم عالمياً في الفترة المشار إليها، وخاصة في الدول المتقدمة التي تستورد منها قطر معظم تجارتها الخارجية ، وبسبب ارتفاع سعر صرف الريال مقابل اليورو والين في الفترة من عام1999 إلى بداية الربع الثاني من عام 2002 . ومن الأسباب المحلية ضعف نشاط القطاع الخاص لإرتفاع معدل فائدة الإقراض ، وارتفاع حدة المنافسة نتيجة تعدد الأسواق الجديدة والهايبر. وظاهرة تراجع معدل التضخم هي من ناحية في صالح المستهلك المحلي الذي ينعم باستقرار أسعار السلع والخدمات وتراجع البعض منها ،( مع التسليم أن ذلك لا يشمل كل السلع والخدمات حيث ارتفعت أسعار العقارات والإيجارات في السنتين الأخيرتين) . ومن ناحية أخرى يعتبرتراجع المعدل وتحوله إلى النمو السلبي في بعض فصول عام2002 – حسب تقديرات مصرف قطر المركزي- ضد مصلحة قطاع الأعمال الذي يتضرر من انخفاض هوامش ارباحه وخاصة إذا ما كان تراجع الأسعار ناتجا ًعن انخفاض الطلب الإستهلاكي أو من شدة المنافسة . وفي الدول المتقدمة يكون لإنكماش الأسعار تأثيرات سلبية على النشاط الإقتصادي حيث يكون لذلك تأثيرات سلبية على قرارات المستهلكين ورجال الأعمال ، فيعمل المستهلكون على تأجيل وتخفيض استهلاكهم أملاً في حدوث المزيد من التراجع في الأسعار ، في حين يؤجل المنتجون اتخاذ قرارات استثمارية للتوسع في الإنتاج خوفاً من تدهور الطلب وبالتالي دخول الإقتصاد في حالة ركود وارتفاع معدل البطالة . ولقد عانت اليابان من مثل هذه الحالة في السنوات الخمس الأخيرة ولا تزال ، ويقف الاقتصاد الأوروبي هذا العام على أبواب حالة مماثلة ، في حين يخشى الأمريكيون من أن تنتقل إليهم العدوى في وقت لاحق .ومن أعراض هذه الحالة تراجع النشاط الإقتصادي معبراً عنه بالناتج المحلي اللإجمالي وارتفاع معدل البطالة وإقتراب معدلات الفائدة من الصفر .وعلى ذلك فإن نتائج الظاهرة في قطر تبدو مختلفة بعض الشئ عنها على المستوى العالمي وخاصة لجهة عدم تأثيرها على معدل البطالة .
وعن الإحتمالات المستقبلية للظاهرة نشير إلى أن بعض العوامل المسببة لها قد إنعكست وباتت تعمل في إتجاه رفع الأسعار ومن ذلك التدهور الكبير الذي طرأ على سعر صرف الدولار مقابل اليورو وبدرجة اقل مقابل الين في الشهور الإثني عشر الماضية ، فقد انخفض سعر صرف الدولار –وبالتالي الريال- بنسبة 30% مقابل اليورو ، وهو مرشح لمزيد من التراجع بما يؤدي إلى إرتفاع أسعار السلع المستوردة من أوروبا وبدرجة أقل من اليابان . إلا أن العوامل الأخرى ستظل تعمل باتجاه خفض الأسعار ومن ذلك تأثيراستمرار ظاهرة الإنكماش وتوسع دائرتها عالمياً ، واستمرار ارتفاع معدلات فائدة الإقراض محلياً وتأثيرها السلبي على مستوى النشاط في القطاع الخاص . وسيكون المستوى المتوقع للتضخم في قطر في عام 2003
محصلة للتغير المنتظر في كافة العوامل المشار إليها، ولا نستبعد أن يكون الرقم سالباً خاصة إذا توقف سعر صرف الدولار عن التراجع .