لماذا العملة الجديدة ؟

فوجئ الكثيرون بالإعلان عن الإصدار الجديد من العملة القطرية التي سيتم طرحها للتداول اعتباراً من منتصف شهر يونيو الحالي , وكان مبعث الدهشة لدى البعض منهم أن العملة الراهنة ربما كانت تفي بالغرض منها لحين صدور العملة الخليجية الموحدة , في حين كان الدافع لدى البعض الآخر نفسي , ويتصل بتعودهم على العملة الحالية وارتباطهم بها بعد أن ظلت في التداول لفترة تصل إلى إثنين وعشرين عاماً .. الجدير بالذكر أن الإصدار الأول من العملة القطرية الذي حمل اسم مؤسسة النقد القطري قد جاء في عام 1973م بعد عام ونصف من الاستقلال وبعد أن تم سحب ريال قطر ودبي من التداول .. وجاء الإصدار الثاني في عام 1981م وقد اختلف بعض الشيئ عن الإصدار الاول واشتمل على مزايا تقنية ضد التزييف .. وجاء الإصدار الثالث عام 1996م ولم يختلف عن سابقه من حيث الشكل إلا في أشياء محدودة جداً أهمها أنه حمل اسم مصرف قطر المركزي بدلاً من مؤسسة النقد القطري ، واشتمل على توقيعين لوزير المالية والمحافظ بدلاً من توقيع واحد فقط لوزير المالية في الإصدار الثاني ، إضافة إلى بعض التحسينات التقنية الأخرى .. هذا التشابه الكبير بين الاصدارين الثاني والثالث قد جعل الناس يتقبلون الاصدار الثالث ويتعايشوا معه بسهولة على أنه امتداد للإصدار الثاني ، ولم يشعروا أبداً بأنهم إزاء عملة جديدة ..ويأتي اليوم الإصدار الجديد وهو شيئ مختلف .. وبه فروقات جوهرية في نواح عديدة أهمها الألوان والتصميمات والرسومات والكتابة الغائرة والعلامات المائية والمعدنية وغيرها.. فلماذا جاء هذا الاصدار ؟

من الواضح أن دوافع الإصدار الرابع متعددة ؛ وأولها وأكثرها أهمية ، ضرورة ملاحقة التطور التكنولوجي في مجال إصدار العملات المحصنة ضد التزييف .. ففي الوقت الذي تطورت وانتشرت فيه وسائل التصوير الالكتروني بالألوان على نطاق واسع وبدقة عالية ، فإنه قد أصبح لزاماً تزويد العملة القطرية بوسائل حماية تجعلها عصية على التزييف .. ورغم أن العملة القطرية كانت مصنوعة على الدوام من مادة قطنية تجعل ملمسها مختلفاً عن ملمس الورق العادي ، إلا أن تعزيز ذلك بالتصميمات المعقدة ذات الشفافية العالية وبالكتابات الغائرة والذهبية والعلامات المميزة يزيد من صعوبة نجاح التزييف خاصة مع استعمال أجهزة إلكترونية متطورة لعد البنكنوت ، وهي أجهزة كفيلة بكشف الأوراق المزيفة إذا ما وجدت.
أما الدافع الثاني للإصدار الرابع – كما أفهمه – ، فيتمثل في ضرورة أن تكون العملة القطرية مواكبة للنهضة العمرانية والثقافية الشاملة التي تعيشها البلاد على مختلف الأصعدة .. فإذا كانت تصميمات ورسومات الاصدارين الثالث والثاني تعودان إلى عام 1981م ، فإن رسومات وتصميمات الإصدار الرابع قد جاءت لتتماشى مع واقع الحال في قطر في عام 2003م ، وعلى سبيل المثال حملت ورقة المائة ريال صورة لمعهد الشقب الذي يعتبر معلماً تراثياً ومعمارياً هاماً وفاز بجائزة أحسن تصميم على المستوى العربي ، إضافة إلى صورة الجامع الكبير وهو معلم إسلامي بارز في الدوحة . وحملت الخمسمائة ريال صورة للديوان الأميري وقلعة الوجبة .. واشتملت كل الفئات على زخارف هندسية إسلامية رائعة ، وصور لطيور وحيوانات من البيئة القطرية .. وقد جاءت العملة الجديدة بنفس مقاسات العملة الحالية حتى لا يتسبب التغيير في إرباك أجهزة الصراف الآلي المبرمجة على العملة الحالية.

ويرى مصرف قطر المركزي أنه لا تعارض بين إصدار العملة الجديدة والاتجاه نحو توحيد العملات الخليجية بإعتبار أن الوصول إلى العملة الموحدة لن يتم من قبل سبع سنوات أخرى ، وأن وجود عملة قطرية متطورة إعتباراً من منتصف عام 2003م سيكون دافعاً لتصميم عملة خليجية أكثر تطوراً بحلول عام 2010م، مع إمكانية الأخذ ببعض مواصفات وتصميمات العملة القطرية في أي إصدار خليجي مشترك.

وإذاً فالعملة الجديدة تمثل – كما قال سعادة الشيخ فهد بن فيصل نائب المحافظ – خطوة تاريخية هامة في مسيرتنا الاقتصادية والنقدية .. وتعد جهداً خلاقاً ومبدعاً لكل من قاموا بالتحضير والاعداد له على مدى الشهور الماضية ..