يكاد موضوع الأسهم المحلية يستحوذ على اهتمام كافة الناس في قطر هذا الإسبوع ويطغى على ما عداه من اهتمامات أخرى. وفي الوقت الذي أثارت فيه شركة إيجار صغار المستثمرين لأنها اعتمدت على حجم المبالغ المكتتب فيها عند تحديد كل حصة ، فإن الأنظار تتطلع بلهفة لمعرفة الكيفية التي ستتصرف بها شركة صناعات قطر عند تخصيص أسهمها خلال الأيام القادمة ، والكل يحدوه الأمل في أن يأتي التخصيص على هواه ويحصل على أكبر كمية من الأسهم التي طُرحت للإكتتاب. وكان لعودة أسعار الأسهم المحلية إلى الإرتفاع ثانية خلال الأسبوعين الماضيين أثره في زيادة الإهتمام العام بموضوع الأسهم ، وقد انتزعت شركة الفحص الفني آهات المتعاملين عند طرحها للتداول لأول مرة هذا الأسبوع ، وذلك عندما قفز سعر سهمها إلى أكثر من 70 ريالاً للسهم الواحد ( قبل تراجعه إلى 58 ريالاً بعد ذلك ). وارتفعت أسعار أسهم الشركات الأخرى وخاصة أسهم البنوك ، وهو ما شكل في مجمله مناخاً جيداً للإستثمار في الأسهم.
وإذا كان انخفاض معدلات الفائدة على الريال في العامين الأخيرين من بين العوامل الرئيسية التي أسهمت في ارتفاع أسعار الأسهم المحلية ، فإن توقع حدوث المزيد من التراجع على تلك المعدلات قد عزز من حظوظ الإستثمار في الأسهم المحلية. ونشير في هذا الخصوص إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد خفض معدل الفائدة على اليورو إلى 2% ، وهو أدنى مستوى لمعدلات الفائدة على أي من العملات الأوروبية منذ أكثر من خمسين عاماً. ومن المتوقع أن يقرر بنك الإحتياط الأمريكي خفض معدل الفائدة على الدولار بواقع ربع نقطة مئوية لتصبح واحد بالمائة عند اجتماع لجنة السوق المفتوحة يومي 25و26 يونيو الجاري. وهذا التخفيض المنتظر على معدل الفائدة على الدولار سيتبعه خفض مماثل على معدل الفائدة على الريال ، وذلك يخلق وضعاً استثنائياً لجهة تفضيل الإستثمار في أسهم الشركات لما تتمتع به من ربحية عالية ، فضلاً عن قابليتها للتسييل إلى أموال في أي وقت.
ومن محصلة ما تقدم ، يتضح أن أسعار الأسهم المحلية تبدو مرشحة لمزيد من الإرتفاع خلال الأسابيع والشهور القادمة على نحو ما أشرت في مقال سابق قبل عدة أسابيع. وفي ظل هذه الظروف يصبح التخصيص محل اهتمام الجميع ، فيرضي أشخاصاً ويغضب آخرين. وقد راعت شركة إيجار الاعتبارات الاقتصادية والمحاسبية البحتة عند تخصيص أسهمها ، ولم تلتفت إلى الدوافع الاجتماعية ، وكان ذلك أمر منطقي وله ما يبرره طالما أن الشركة قد تأسست حسب الأصول المعتادة بمؤسسين من القطاع الخاص ، ولو كان الظرف مختلفاً – كما لو كانت أسعار الأسهم في حالة تراجع كما حدث قبل عامين – لما طالب أحد بالعدالة في التخصيص ، ولما وجدنا من يحث الجمهور على الاكتتاب في أسهم الشركة لو عجزت عن تغطية كامل ِأسهمها المعروضة للاكتتاب.
وبالنسبة لأسهم شركة صناعات قطر ، فإن الأمر يبدو مختلفاً باعتبار أن عملية الاكتتاب قد تمت في إطار خصخصة جانب من شركات القطاع العام ، وبالتالي يحق لكل القطريين الحصول على حصة عادلة من الأسهم المعروضة للاكتتاب. وطالما أن عدد الأسهم المكتتب بها يصل إلى ثلاثة أضعاف الأسهم المعروضة ، فإن العدالة المنشودة قد لا تتحقق بمجرد وضع حد أدنى من الأسهم لكل مكتتب ، وقد يكون من الضروري النظر في زيادة عدد الأسهم المعروضة للاكتتاب إلى 100 مليون سهم أو أكثر بدلا من 75 مليون سهم ، بحيث يمتلك القطاع الخاص حصة أكبر في الشركة ولتكن 20% أو أكثر بدلاً من 15% ، بإعتبار أن ذلك أقرب إلى المنطق ، ويحقق أحد أهداف الخصخصة المتمثلة في إشراك المساهمين في إدارة الشركة.