اكتسب الريال القطري قوة إضافية منذ الشهر الماضي عندما قررت الحكومة تعزيز احتياطيات مصرف قطر المركزي بما يعادل مليار دولار أو نحو 3640 مليون ريال ، لتصل في مجموعها إلى نحو 9665 مليون ريال بنهاية مايو 2003. هذه الإحتياطيات مُستثمرة في أصول تتمتع بدرجة عالية من السيولة سواء في صورة ودائع بالعملات الأجنبية أو سندات وأذونات خزينة. وفي حين كانت الإحتياطيات تزيد عن ضعف النقد المصدر حتى نهاية شهر إبريل ، فإنها أصبحت تقترب من أربعة أضعافه ، مما عزز من مكانة الريال القطري في أسواق الصرف العالمية.
الجدير بالذكر أن سعر صرف الريال القطري قد إرتبط عملياً بالدولار الأمريكي منذ عام 1980 ، وظل منذ ذلك التاريخ ثابتاً مقابل الدولار عند سعر وسطي يعادل 3.64 ريال ورغم أن الكثير من الدول قد ربطت عملاتها بالدولار خلال الفترة المشار إليها ، إلا أن الريال القطري كان واحداً من العملات القليلة جداً التي حافظت على ثبات سعر صرفها مقابل الدولار طيلة 23 عاماً. ورغم أن الاقتصاد القطري قد تعرض خلال تلك الفترة لضغوط اقتصادية من جراء تدهور أسعار النفط منذ عام 1986 ، ورغم تعرضه لضغوط سياسية كتلك التي حدثت إبان الإجتياح العراقي للكويت عام1990 ، إلا أن سعر صرف الريال لم يتأثر ، وكان مصرف قطر المركزي ومن قبله مؤسسة النقد القطري جاهزين على الدوام لتحويل الريال إلى عملات أجنبية عند الطلب.
وعلى عكس الدول التي تدهورت أسعار صرف عملاتها بشكل مضطرد ، فإن دولة قطر قد تمتعت منذ السبعينيات بفائض في حسابها الجاري ، وعندما تحول الحساب إلى عجز بانخفاض أسعار النفط ، فإن الإحتياطيات المالية قد ساعدت على ثبات سعر صرف الريال. وقد كان من الممكن أن يتأثر السعر في النصف الثاني من التسعينيات بالضغوط الناشئة عن استمرار العجز في الحساب الجاري وتراكم الدين العام سنة بعد أخرى ، إلا أن شيئاً من هذا لم يحدث خاصة في ظل التوقعات التي تحدثت عن مستقبل واعد للاقتصاد القطري بعد الإنتهاء من بناء العديد من المشروعات الاقتصادية. وقد كان لتدفق الإستثمارات الأجنبية على قطر في تلك الفترة ، فضلاً عن ضخامة إحتياطي البلاد من الغاز ، أثره الفعال في رسم صورة مشرقة للاقتصاد القطري. وإلى جانب ذلك ساعد الاستقرار السياسي التي نعمت به دولة قطر وعدم تعرضها لأية مخاطر خارجية إلى عودة جانب من الأموال المهاجرة إلى الوطن الأم ، وبذلك ساهمت عودة تلك الأموال في دعم ثبات سعر صرف الريال بعد أن كانت هجرتها إلى الخارج في السابق تشكل نوعاً من الضغط على سعر الصرف.
والخلاصة أن سعر صرف الريال سيظل ثابتاً أمام الدولار الأمريكي في السنوات القادمة وخاصة بعد أن تم استخدام الدولار كمثبت مشترك لعملات دول مجلس التعاون في إطار سعي هذه الدولإصدار عملة خليجية موحدة بحلول عام 2010م. وستؤدي خطوة الحكومة التي زادت بموجبها احتياطيات النقد المصدر إلى أربعة أضعاف ، إلى مزيد من القوة والثبات في سعر صرف الريال أمام الدولار ، ولكنها لن تمنع مع ذلك ، استمرار التراجع في سعر صرف الريال مقابل اليورو والين ، إذا ما استمر تراجع الدولار أمام هاتين العملتين ، وهي الظاهرة التي بدأت منذ نحو سنة ولا تزال مستمرة. وسنحاول أن نتناول هذا الموضوع وتأثيراته على الاقتصاد القطري في مقال آخر بحول الله تعالى.