في الجزء الأول من المقال ، وتحت نفس العنوان هل تنخفض معدلات الفائدة المصرفية؟ ، بدأت بالحديث عن معدلات الفائدة على الودائع بالريال وأوضحت كيف أنها لا تزال تتراجع نتيجة توفر السيولة في الجهاز المصرفي القطري ، وأنه في حين كان سعر فائدة مصرف قطر المركزي في بداية السنة عند مستوى 2.50% ، فإنه قد انخفض في شهر أغسطس إلى مستوى 2.20% .. وهكذا كان الوجه الأول للسؤال يخص معدلات الفائدة على الودائع بالريال ، ومن ثم كان الجواب بأن هذه المعدلات مرشحة لمزيد من الانخفاض في النصف الثاني من العام 2002م.
ثم تطرقت بعد ذلك إلى الفائدة المصرفية على الدولار باعتبار أن الدولار هو العملة الرئيسية الأولى في العالم ، ولكون سعر صرف الريال مرتبطاً بالدولار ، علاوة على أن لجنة السوق المفتوحة لدى بنك الاحتياط الفدرالي (أي البنك المركزي الأمريكي) كات تجتمع مساء الثلاثاء الماضي في جلسة مراجعة للسياسة النقدية ، وكان التساؤل المطروح على اللجنة هو ما إذا كان من الواجب خفض سعر الفائدة على الدولار أم لا؟ وقد كان هذا التساؤل في ذهني أيضاً وأنا أكتب العنوان هل تنخفض أسعار الفائدة المصرفية؟ فكأنني قصدت بالعنوان التلميح إلى أن معدلات الفائدة على الدولار باتت مرشحة لخفض جديد إن لم يكن في جلسة الثلاثاء في الأسبوع الماضي فلربما في الجلسة التالية بعد شهرين. وقد انتهت الجلسة المشار إليها بالابقاء على معدل الفائدة الاتحادية بدون تغيير عند مستوى 1.75% ، مع إشارة من اللجنة إلى أن ما يقلق المسؤولين في بنك الاحتياط في هذه المرحلة هو تباطؤ النمو الاقتصادي وليس التضخم ، وذلك يعني إمكانية تخفيض المعدلات إذا ما ظلت البيانات الاقتصادية ضعيفة في الأسابيع السبعة القادمة.
على أن التساؤل في العنوان لم يكن ليقف عند الوجهين المشار إليهما أعلاه وإنما امتد إلى وجه ثالث يحظى اليوم باهتمامات واسعة من جمهور عريض في كافة القطاعات الاقتصادية المحلية ، والسؤال في وجهه الثالث قد تلخص في ما إذا كانت معدلات الفائدة على القروض ستنخفض أم لا.. وقد أشرت في الجزء الأول من المقال إلى أن هذه المعدلات قد انخفضت في عام 2002 مقارنة بما كانت عليه في عام 2001 ، ولكن انخفاضها كان محدوداً بحيث لا يزال هنالك من يدفع ما بين 10 – 13% على قروض الرواتب التي يفترض أنها مضمونة بالراتب وما يسنده من مكافآت نهاية الخدمة. وقد تصادف أن نُشر الجزء الأول من المقال مع تحقيق صحفي عن نفس الموضوع مع عدد من كبار المسؤولين في البنوك ، وبدلاً من أن يعد المسؤولون بخفض المعدلات كما جرت العادة في مقابلات سابقة ، فإن البعض منهم قد ذهب للدفاع عن تلك المعدلات المرتفعة بالقول إن المقترضين ينفقون أموالهم على الكماليات ، وإن المعدلات العالية رادع لهم للحد من تلك التصرفات. وقال آخر بأن بنكه لا يتقاضى الآن أكثر من 9% على أي قرض.
وفي حين أن الرد الاول لم يكن مقنعاً باعتبار أن البنك غير وصي على تصرفات العملاء ، وأن بإمكان البنك رفض طلبات القروض غير المأمونة ، فإن الرد الثاني لم يكن صحيحاً على الإطلاق ، وأدعو صاحبه لمراجعة المعدلات في البنك الذي يعمل فيه ليكتشف أنها تزيد في المتوسط عن 11% سنوياً ، وهو ما يظهر بوضوح من أرقام ميزانية البنك المنشورة خلال الأسبوع الماضي.
إن من المسلم به أن تتفاوت معدلات الفائدةعلى القروض ما بين عميل وآخر حسب ملاءة كل عميل وقدرته على السداد والضمانات المقدمة للبنك في مقابل القرض ، ومن المتصور لذلك أن تتراوح تلك المعدلات ما بين 5.5 – 9.5% على أكثر تقدير وذلك ما سيساعد في تخفيف أعباء التمويل عن المقترضين فيتمكنون من تحقيق مكاسب في مشاريعهم بما يعينهم على السداد دونما حاجة إلى تخصيص مئات الملايين من الريالات سنوياً في مقابل القروض الضعيفة والمشكوك منها.