تراجع معدلات الفائدة رغم معدل النمو المرتفع

رغم أن الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر قد نما في الربع الثالث من العام بمعدل 8.2% عن الربع الثاني ، وفقاً لما ورد في النشرة الإحصائية الفصلية الصادرة عن مصرف قطر المركزي هذا الأسبوع ، إلا أن ذلك لم يمنع المصرف من تخفيض معدل الفائدة الرئيسي على الريال المعروف بسعر المصرف بواقع 0.2 نقطة مئوية إلى 2% اعتباراً من يوم 10/11/2002م. والمفارقة في الموضوع أن الدول التي تخفض معدلات الفائدة على عملاتها إنما تفعل ذلك من أجل تنشيط اقتصادها المتباطئ ودفع عجلة النمو الاقتصادي فيها ، فلماذا قرر المصرف خفض معدل الفائدة على الريال إذا كان الاقتصاد ينمو بمثل هذا المعدل المرتفع؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد من التذكير بحقيقة أن جزءاً كبير من النمو الذي حققه الاقتصاد القطري في الربع الثالث ، راجع إلى إرتفاع أسعار النفط حيث حقق قطاع النفط والغاز زيادة في ناتجه بنسبته 11.1% عن الربع الثاني ليصل إلى مستوى 12 مليار ريال .. أما بقية القطاعات غير النفطية ، فقد حققت نمواً بنسبة 3.7% إلى مستوى 7.3 مليار ريال. بل أن وتيرة النمو قد تباينت ما بين قطاع وآخر ، فهي في الصناعة التحويلية أعلى منها في قطاع التجارة وفي قطاع البنوك أعلى منها في قطاع الزراعة ، ولو استبعدنا ناتج قطاع الصناعة التحويلية المرتبط في غالبه بالقطاع العام ، من ناتج القطاعات غير النفطية لانخفض معدل نمو القطاعات المتبقية إلى أقل من 3.7%.
وبالاضافة إلى ذلك فإن معدل التضخم خلال فترة الربع الثالث كان سلبياً بواقع 0.1% بعد ارتفاع بنسبة 0.8% في النصف الأول من العام ، وغالباً ما يكون انعدام التضخم مؤشراً على تباطؤ النشاط الاقتصادي أو على حدوث ركود.
إن قرار مصرف قطر المركزي بخفض سعرِ المصرف لم يأت من فراغ وإنما جاء بعد صدور قرار من مجلس الاحتياط الفدرالي الأمريكي بخفض سعر الفائدة الاتحادية على الدولار إلى 1.25% ، ولم يكن بالإمكان ترك معدل الفائدة على الريال عند مستوى 2.2% في الوقت الذي يرتبط فيه سعر صرف الريال بعلاقة ثابتة مع الدولار .. وقد سارعت البنوك المركزية الخليجية وفي مصر وغيرها من الدول التي تربط عملاتها بسعر صرف الدولار إلى اتخاذ إجراءات مماثلة للإبقاء على الاستقرار في أسعار صرف تلك العملات ، باعتبار أن ذلك من أهم أهداف البنوك المركزية. وسيكون لانخفاض معدلات الفائدة على الريال أثر سلبي على أصحاب الودائع المصرفية الذين سيكتشفون بأن عائد الودائع لم يعد يساوي همَ الاحتفاظ بها لدى البنوك ، وأن عليهم التحول إلى استثمارات أخرى ذات عائد أعلى ولو على حساب درجة المخاطرة .. فإذا ما حدثت موجة جديدة من عمليات شراء الأسهم والعقارات فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار على نحو ما حدث في وقت سابق من هذا العام ..
على أن الفائدة الكبرى التي ربما يجنيها الاقتصاد القطري من جراء خفض سعر المصرف هي في خفض تكلفة الاقتراض من البنوك ، وهو – إذا ما حدث – سيؤثر بشكل إيجابي على كافة أنشطة القطاع الخاص.